فقه القرآن-ج1-ص188
وفيها دلالة واضحة على أن الصوم لا يثبت بعدد الجدوليين وانه يثبت بالهلال ، لان عددهم لو كان مراعى لما أحيل في مواقيت الناس في الحج على ذلك بل أحيل على العدد .
والميقات منتهى الوقت .
والاخرة منتهى الخلق .
والاهلال ميقات الشهر .
فصل
) ومن قال : ان قوله تعالى ( ولتكملوا العدة ) يدل على أن شهر رمضان لا ينقص أبدا .
فقد أبعد من وجهين : أحدهما لان قوله ( ولتكملوا العدة ) معناه ولتكملواعدة الشهر ، سواء كان الشهر تاما أو ناقصا ، أعني ثلاثين يوما أو تسعة وعشرين يوما .
والثاني أن ذلك راجع إلى القضاء ، لانه قال عقيب ذكر السفر والمرض ( فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ) يعني عدة ما فاته ، وهذا بين .
فالهلال علامة الشهر وبه وجبت العبادة في الصيام والافطار والحج وسائر ما يتعلق بالشهور على أهل الشرع ، وربما خفي لعارض أو استبين أهل مصر لعلة وظهر لاهل غير ذلك المصر ، ولكن الغرض انما تعلق على العبادة ، إذ هو العلم دون غيره بما قدمناه من آي القرآن .
فان قيل : أي تعلق لقوله تعالى ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ) ( 1 ) بسؤال قدم عن الاهلة .
قلنا : لانه لما بين ما فيه من وجه الحكمة اقتضى لتعملوا على أمور متعددة والتجروا أموركم على استقامة ، فانما البر أن تتبعوا أمر الله ، وان تأتوا البيوت من أبوابها ، أي ائتوا البر من وجهه الذي أمر الله به ورغب فيه .
وهذا عام في كل شئ حتى في الصوم والافطار ، فانه يجب أن لا يصام فرضا من عند رؤية هلال شعبان
( 1 ) سورة البقرة : 189