فقه القرآن-ج1-ص92
وعن عطا في قوله ( فول وجهك شطر المسجد الحرام ) الحرم كله مسجد .
وهذا مثل قول أصحابنا : ان الحرم قبلة من كان نائيا عن الحرم من الافاق .
واختلف الناس في صلاة النبي عليه السلام إلى بيت المقدس ( 1 ) : [ فقال قوم كان يصلي بمكة إلى الكعبة فلما صار بالمدينة أمر بالتوجه إلى بيت المقدس ] ( 2 ) سبعة عشر شهرا ثم أعيد إلى الكعبة .
[ وقال قوم كان يصلى بمكة إلى البيت المقدس الا أنه كان يجعل الكعبة بينه وبينه ، ثم أمره الله بالتوجه إلى الكعبة ] ( 3 ) .
فان قيل:كيف قال( ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك ) ( 4 ) وقد آمن منهم خلق كثير ؟ قلنا : عن ذلك جوابان : أحدهما قال الحسن ان المعنى ان جميعهم لا يؤمن ، والثاني انه مخصوص بمن كان معاندا من أهل الكتاب دون جميعهم الذين وصفهم الله تعالى ( يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ) ( 5 ) .
وقوله ( ولئن اتبعت أهواءهم ) معناه الدلالة على فساد مذاهبم وتبكيتهم بها .
وقوله ( وما أنت بتابع قبلتهم ) أي ليس يمكنك استصلاحهم باتباع قبلتهم لاختلاف وجهتهم ، لان النصارى يتوجهون إلى المشرق واليهود إلى المغرب ، فبين الله أن ارضاء الفريقين محال .
وقيل : انه لما كان النسخ مجوزا قبل نزول هذه الاية في القبلة أنزل الله الاية ليرتفع ذلك التجويز ، وكذلك ينحسم طمع أهل الكتاب من اليهود ، إذ كانوا طمعوا في ذلك وظنوا أنه يرجع النبي إلى الصلاة إلى بيت المقدس .
وقوله ( وما بعضهم بتابع قبلة بعض ) أي لا يصير النصارى كلهم يهودا ولا
( 1 ) انظر الاحاديث في ذلك في الوسائل 3 / 216 – 220 .
( 2 – 3 ) الزيادتان من م .
( 4 ) سورة البقرة : 145 .
( 5 ) سورة البقرة : 146