فقه القرآن-ج1-ص90
فان قيل : لم قلب النبي عليه السلام وجهه في السماء ؟ قلنا : عنه جوابان : أحدهما : انه كان وعد بالتحويل عن بيت المقدس ، فكان يفعل ذلك انتظارا وتوقعا لما وعد به .
والثاني : انه كان يحبه محبة طباع ، ولم يكن يدعو به حتى أذن له فيه ، لان الانبياء عليهم السلام لا يدعون الا باذن الله ، لئلا يكون في ردهم تنفير عن قبول قولهم ان كانت المصلحة في خلاف ما سألوه .
وهذا الجواب مروي عن ابن عباس .
وقيل في سبب محبة النبي عليه السلام التوجه إلى الكعبة ثلاثة أقوال : أحدها أنه أراد مخالفة اليهود والتميز منهم .
والثاني انه أراد ذلك استدعاءا للعرب إلى الايمان .
والثالث أنه أحب ذلك لانها كانت قبلة ابراهيم .
ولو قلنا انه أحب جميع ذلك لكان صوابا .
( فصل ) و ( شطر المسجد الحرام ) نحوه وتلقاه ، وعليه المفسرون واهل اللغة .
وعن الجبائي أراد بالشطر النصف ، فأمره أن يولي وجهه نصف المسجد حتى يكون مقابل الكعبة .
والاول أولى ، لان اللفظ إذا كان مشتركا بين النصف والنحو ينبغي أن لا يحمل على أحدهما الا بدليل ، وعلى الاول اجماع المفسرين .
وقوله ( ان الذين أوتوا الكتاب ) ( 1 ) هم اليهود عن السدي ، وقيل هم أحبار اليهود وعلماء النصارى غير أنهم جماعة قليلة يجوز عليهم اظهار خلاف ما يبطنون ، لان الجمع الكثير لا يتأتى ذلك منهم لما يرجع إلى العادة ، فانها لم يجز ذلك مع اختلاف الدواعي وانما يجوز العناد على النفر القليل .
( 1 ) سورة البقرة : 14