فقه القرآن-ج1-ص89
حولت القبلة قال ناس كيف أعمالنا التي كنا نعمل في قبلتنا الاولى وكيف بمن مات من اخواننا قبل ذلك فأنزله الله .
وقال الحسن انه لما ذكر ما عليهم من المشقة في التحويلة أتبعه بذكر مالهم من المثوبة ، وانه لا يضيع ما عملوه من الكلفة فيه ، لان التذكير به يبعث على ملازمة الحق والرضا به .
الثالث قال البلخي انه لما ذكر انعامه عليهم بالتولية إلى الكعبة ذكر السبب الذي استحقوه به ، وهو ايمانهم بما حملوه أولا فقال ( وما كان الله ليضيع ايمانكم ) الذي استحققتم به تبليغ محبتكم في التوجه إلى الكعبة ( 1 ) .
فان قيل : كيف جاز عليهم الشك فيمن مضى من اخوانهم فلم يدروا أنهم كانوا على حق في صلاتهم إلى بيت المقدس .
قلنا : الوجه فيه أنهم تمنوا وقالوا كيف لاخواننا لو أدركوا الفضل بالتوجه إلى الكعبة معنا ، فانهم أحبوا لهم ما أحبوا لانفسهم وكان الماضون في حسرة ذلك أو يكون قال ذلك منافق فخاطب الله المؤمنين بما فيه الرد على المنافقين .
وانما جاز أن يضيف الايمان إلى الاحياء على التغليب ، لان من عادتهم أنيغلبوا المخاطب على الغائب كما يغلبون المذكر على المؤنث فيقولون ( فعلنا بكما وبلغناكما ) وان كان احدهما حاضرا والاخر غائبا .
فصل
) ثم قال تعالى ( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها ) ( 2 ) .
قال قوم : ان هذه الاية نزلت قبل التي تقدمتها ، وهي قوله ( سيقول السفهاء ) .
( 1 ) اضاف المصدر إلى مفعوله الثاني ، أي استوجبتم بايمانكم أن يبلغكم الله تعالى إلى ما تحبونه من التوجه إلى الكعبة ( ه ج ) .
( 2 ) سورة البقرة : 144 .