فقه القرآن-ج1-ص88
يتوجه إلى بيت المقدس وبين أن يتوجه إلى الكعبة .
وقال ابن عباس واكثر المفسرين : كان ذلك فرضا معينا .
وهو الاقوى ، لقوله ( وما جعلنا القبلة التي كنت عليها ) ، فبين تعالى أنه جعلها قبلة ، وظاهر ذلك أنه معين ، لانه لا دليل على التخيير .
ويمكن أن يقال : انه كان مخيرا بين أن يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس في توجهه إليه وبين أن لا ينتقل لما كان بمكة .
على أنه لو ثبت أنه كان مخيرا لما خرج عن كونه فرضا ، كما أن الفرض هو أن يصلي الصلاة في الوقت ثم هو مخير بين أوله وأوسطه وآخره .
وقوله ( الا لنعلم ) أي ليعلم ملائكتنا ، والا فالله كان عالما به .
وقال المرتضى فيه وجها مليحا : أي يعلم هو تعالى وغيره ، ولا يحصل علمه مع علم غيره الا بعد حصول الاتباع ، فأما قبل حصوله فانما يكون هو تعالى العالم وحده ، فصح حينئذ ظاهر الاية .
وقوله ( ممن ينقلب على عقبيه ) قيل فيه قولان : أحدهما أن قوما ارتدوا عن الاسلام لما حولت القبلة جهلا منهم بما فيها من وجوه الحكمة .
والاخر أن المرادبه كل مقيم على كفره ، لان جهة الاستقامة اقبال وخلافها ادبار ، ولذلك وصف الكافر بأنه أدبر واستكبر وقال ( لا يصلاها الا الاشقى
الذي كذب وتولى ) ( 1 ) عن الحق .
( فصل ) ثم قال ( وان كانت لكبيرة ) فالضمير يحتمل رجوعه إلى ثلاثة أشياء : القبلة على قول أبي العالية .
والتحويلة على قول ابن عباس ، وهو الاقوى لان القوم انما ثقل عليهم التحول لانفس القبلة .
وعلى قول ابن زيد الصلاة .
و ( ما كان الله ليضيع ايمانكم ) في معناه اقوال : قال ابن عباس : لما
( 1 ) سورة الليل : 15 – 16 .