فقه القرآن-ج1-ص87
اختلفوا في الذين عابوا النبي عليه السلام والمسلمين بالانصراف عن قبلة بيت المقدس إلى الكعبة على ثلاثة أقوال : قال الحسن : هم مشركو العرب ، فان رسول الله لما تحول بأمر الله إلى الكعبة من بيت المقدس ، قالوا : يا محمد رغبت عن قبلة آبائك ثم رجعت إليها ايضا ، والله لترجعن إلى دينهم .
وقال ابن عباس : هم اليهود .
وقال السدي : هم المنافقون ، قالوا ذلك استهزاءا بالاسلام .
والعموم يتناول الكل .
واختلفوا في سبب عيبهم الصرف عن القبلة ، فقيل انهم قالوا ذلك على وجه الانكار للنسخ .
وقال ابن عباس : ان قوما من اليهود قالوا : يا محمد ما ولاك عن قبلتك التى كنت عليها ، ارجع إليها نتبعك ونؤمن بك .
وأرادوا بذلك فتنته .
الثالث ان مشركي العرب قالوا ذلك ليوهموا أن الحق ما هم عليه .
وانما صرفهم الله عن القبلة الاولى لما علم من تغيير المصلحة في ذلك .
وقيل انما فعل ذلك لما قال تعالى ( وما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه ) ( 1 ) ، لانهم لما كانوا بمكة أمروا أن يتوجهوا إلى بيت المقدس ليتميزوا عن المشركين الذين كانوا بحضرتهم يتوجهون إلى الكعبة ، فلماانتقل الرسول عليه السلام إلى المدينة كانت اليهود الذين بالمدينة يتوجهون إلى بيت المقدس ، فنقلوا إلى الكعبة للمصالح الدينية الكثيرة ، من جملتها ليتميزوا من اليهود كما أراد في الاول أن يتميزوا من كفار مكة .
فصل ) لا خلاف أن التوجه إلى بيت المقدس
قبل النسخ كان فرضا واجبا ، ثم اختلفوا : فقال الربيع : كان ذلك على وجه التخيير ، خير الله نبيه عليه السلام بين أن
( 1 ) سورة البقرة : 143 .