فقه القرآن-ج1-ص64
فصل
) وقوله تعالى ( انما المشركون نجس ) ( 1 ) يدل على أن سؤر اليهودي والنصراني وكل كافر أصلي أو مرتد أو ملي نجس .
وفي الاية شيئان تدل على المبالغة في نجاستهم : أحدهما : قوله ( انما المشركون ) ، فهو أبلغ في الاخبار بنجاستهم من أن يقال ( المشركون نجس ) من غير انما ، فان قول القائل ( انما زيد خارج ) عند النحويين بمنزلة ( ما خارج الا زيد ) .
والثاني : قوله ( نجس ) وهو مصدر ، ولذلك لم يجمع ، والتقدير انما المشركون ذو نجاسة .
وجعلهم نجسا مبالغة في وصفهم بذلك ، كما يقال ( ما هو الاسير ) إذا وصف بكثرة السير ، وكقوله :
فانما هي اقبال وادبار ( 3 )
وليس لاحد أن يقول المراد به نجاسة الحكم لا نجاسة العين ، لان حقيقة هذه اللفظة تقتضي نجاسة العين في الشرع ، وانما يحمل على الحكم تشبيها ومجازا ، والحقيقة اولى من المجاز باللفظ .
على انا نحمله على الامرين ، لانه لا مانع من ذلك .
فان قيل : فقد قال الله تعالى ( وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم ) ( 3 ) .
وهذا عام في جميع ما شربوا وعالجوا بأيديهم .
قلنا : يجب تخصيص هذا الظاهر بالدلالة على نجاستهم ، وتحمل هذه الاية على أن المراد بها طعامهم الذى هو الحبوب ويملكونه دون ما هو سؤر أو عالجوه بأجسامهم .
( 1 ) سورة التوبة : 28 .
( 2 ) من بيت للخنساء – انظر مجمع البحرين 4 / 110 .
( 3 ) سورة المائدة : 5