فقه القرآن-ج1-ص37
يروى أن العرب والموالي اختلفتا فيه ، فقال الموالي المراد به الجماع ، وقال العرب المراد به مس المرأة .
فارتفعت أصواتهم إلى ابن عباس فقال : غلب الموالي المراد به الجماع ( 1 ) .
وسمي الجماع لمسا لان به يتوصل إلى الجماع ، كما سمي المطر سماءا .
( فصل ) وقوله ( فلم تجدوا ماءا ) راجع إلى المرضى والمسافرين جميعا ، مسافر لا يجد الماء ومريض لا يجد الماء أو
من يوضئه أو يخاف الضرر من استعمال الماء
، لان الاصل ان حال المرض يغلب فيها خوف الضرر من استعمال الماء ، وحال السفر يغلب فيها عدم الماء .
( فتيمموا ) أي تعمدوا وتحروا واقصدوا صعيدا .
وقد ذكرنا أن الزجاج قال : الصعيد وجه الارض .
وهذا يوافق مذهب أصحابنا في أن التيمم يجوز بالحجر ، سواء كان عليه تراب أو لم يكن .
والتيمم انما يصح ويجب لفريضة الوقت في آخر الوقت وعند تضيقه ، لان التيمم بلا خلاف انما هو طهارة ضرورية ، ولا ضرورة إليه الا في آخر الوقت ، وما قبل هذه الحال لم تتحقق فيه ضرورة .
وليس للمخالف أن يتعلق بظاهر قوله ( فلم تجدوا ماءا فيتمموا ) وبأنه لم يفرق بين أول الوقت وآخره ، لان الاية لو كان له ظاهر يخالف قولنا جاز أن يخصه باجماع الفرقة المحقة وبما ذكرناه ايضا ، كيف ولا ظاهر لها ينافي ما نذهب إليه ، لانه تعالى قال ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة ) ، وأراد – بلا خلاف – إذا أردتم القيام إلى الصلاة كما قدمناه ، ثم أتبع ذلك حكم العادم للماء الذي يجب عليه التيمم ، فيجب على من تعلق بهذه الاية أن يدل على أن من كان في أول الوقت
( 1 ) مجمع البيان 3 / 52 .