فقه القرآن-ج1-ص10
( باب الوضوء ) أما قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) ( 1 ) .
فانه يدل بظاهره على وجوب أربعة أفعال مقارنة للوضوء ، ويدل من فحواه على وجوب النية فيه ، لانه عمل والاعمال بالنيات .
ثم اعلم أن القيام إلى الصلاة ضربان : أحدهما ان يقوم للدخول فيها ، والاخر أن يتأهب باستعمال الطهارة للشروع فيها .
فالاول لا يصح من دون الثاني ، والثاني انما يجب بشرط تقدم الاول .
فبهذا الخطاب أمرهم الله انهم إذا أرادوا القيام إلى الصلاة وهم على غير طهر أن يغسلوا وجوههم ويفعلوا ما أمرهم الله به فيها .
وحذف الارادة لان في الكلام دلالة عليه ، ومثله قوله تعالى ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله ) ( 2 ) ، معناه إذا أردت قراءة القرآن فاستعذ ، وقوله ( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة ) ( 3 ) ، معناد فأردت أن تقيم لهم الصلاة .
والذي يدل عليه هو أن الله أمر بغسل الاعضاء إذا قام إلى الصلاة بقوله ( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ) .
ومعلوم أنه إذا قام إلى الصلاة لا يغسل اعضاءه ، لانه لا يقوم إليها ليصلي الا وقد غسل الاعضاء أو فعل ما قام مقامه ، فعلم انه أراد إذا أردت القيام إلى الصلاة فاغسل أعضاءك ، فأمر بغسل الاعضاء ، فثبت أن الغسلينوالمسحين كليهما واجب في هذه الطهارة .
ويدل قوله تعالى ( ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) ( 4 ) على
( 1 ) سورة المائدة : 6 .
( 2 ) سورة النحل : 98 .
( 3 ) سورة النساء : 102 .
( 4 ) سورة الحشر .