بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص380
عن ابن الزبير .
قال الشافعي : فإذا احتج محتج بهذا قيل له : إن ابن عباس قد ردها ، والقرآن يدل على بطلانها ، وقال بقول مالك ابن أبي ليلى وقوم من التابعين ، وإجازة مالك لذلك هو من باب إجازته قياس المصلحة .
وأما الاسلام فاتفقوا على أنه شرط في القبول ، وأنه لا تجوز شهادة الكافر ، إلا ما اختلفوا فيه من جواز ذلك في الوصية في السفر لقوله تعالى :
( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم)
الآية .
فقال أبو حنيفة : يجوز ذلك على الشروط التي ذكرها الله تعالى .
وقال مالك والشافعي : لا يجوز ذلك ، ورأوا أن الآية منسوخة .
وأما الحرية فإن جمهور فقهاء الامصار على اشتراطها في قبول الشهادة ، وقال أهل الظاهر : تجوز شهادة العبد ، لان الاصل إنما هو اشتراط العدالة ، والعبودية ليس لها تأثير في الرد ، إلا أن يثبت ذلك من كتاب الله أو سنة أو إجماع ، وكأن الجمهور رأوا أن العبودية أثر من أثر الكفر فوجب أن يكون لها تأثير في رد الشهادة .
وأما التهمة التي سببهاالمحبة ، فإن العلماء أجمعوا على أنها مؤثرة في إسقاط الشهادة .
واختلفوا في رد شهادة العدل بالتهمة لموضع المحبة أو البغضة التي سببها العداوة الدنيوية ، فقال بردها فقهاء الامصار ، إلا أنهم اتفقوا في مواضع على إعمال التهمة ، وفي مواضع على إسقاطها ، وفي مواضع اختلفوا فيها ، فأهملها بعضهم وأسقطها بعضهم .
فمما اتفقوا عليه رد شهادة الاب لابنه والابن لابيه ، وكذلك الام لابنها وابنها لها .
ومما اختلفوا في تأثير التهمة في شهادتهم شهادة الزوجين أحدهما للآخر ، فإن مالكا ردها وأبا حنيفة ، وأجازها الشافعي وأبو ثور والحسن ، وقال ابن أبي ليلى : تقبل شهادة الزوج لزوجه ولا تقبل شهادتها له ، وبه قال النخعي .
وممن اتفقوا على إسقاط التهمة فيه شهادة الاخ لاخيه ما لم يدفع بذلك عن نفسه عارا علما قال مالك ، وما لم يكن منقطعا إلى أخيه ينال بره وصلته ، ما عدا الاوزاعي فإنه قال : لا تجوز .
ومن هذا الباب اختلافهم في قبول شهادة العدو على عدوه ، فقال مالك والشافعي : لا تقبل ، وقال أبو حنيفة : تقبل .
فعمدة الجمهور في رد الشهادة بالتهمة : ما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين وما خرجه أبو داود من قوله عليه الصلاة والسلام : لا تقبل شهادة بدوي على حضري لقلة شهود البدوي ما يقع في المصر ، فهذه فهذه هي عمدتهم من طريق السماع .
وأما من طريق المعنى فلموضع التهمة ، وقد أجمع الجمهور على تأثيرها في الاحكام الشرعية مثل اجتماعهم على أنه لا يرث القاتل المقتول ، وعلى توريث المبتوتة في المرض وإن كان فيه خلاف .
وأما الطائفة الثانية وهم شريح وأبو ثور وداود فإنهم قالوا : تقبل شهادة الاب لابنه فضلا عمن