بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص370
فصل : وأما جنس المسروق
فإن العلماء اتفقوا على أن كل متملك غير ناطق يجوز بيعه وأخذ العوض منه ، فإنه يجب في سرقته القطع ما عدا الاشياء الرطبة المأكولة ، والاشياء التي أصلها مباحة فإنهم اختلفوا في ذلك ، فذهب الجمهور إلى أن القطع في كل متمول يجوز بيعه وأخذ العوض فيه ، وقال أبو حنيفة : لا قطع في الطعام ولا فيما أصله مباح كالصيد والحطب والحشيش .
فعمدة الجمهور : عموم الآية الموجبة للقطع وعموم الآثار الواردة في اشتراط النصاب .
وعمدة أبي حنيفة في منعه القطع في الطعام الرطب : قوله عليه الصلاة والسلام : لا قطع في ثمر ولا كثر وذلك أن هذا الحديث روي هكذا مطلقا من غير زيادة .
وعمدته أيضا في منع القطع فيما أصله مباح : الشبهة التي فيه لكل مالك ، وذلك أنهم اتفقوا على أن من شرط المسروق الذي يجب فيه القطع أن لا يكون للسارق فيه شبهة ملك .
واختلفوا فيما هو شبهة تدرأ الحد مما ليس بشبهة ، وهذا هو أيضا أحد الشروط المشترطة في المسروق هو في ثلاثة مواضع : في جنسه ، وقدره ، وشروطه ، وستأتي هذه المسألة فيما بعد .
واختلفوا من هذا الباب – أعني من النظر في جنس المسروق – في المصحف ، فقال مالك والشافعي : يقطع سارقه .
وقال أبو حنيفة : لا يقطع .
ولعل هذا من أبي حنيفة بناء على أنه لا يجوز بيعه .
أو أن لكل أحد فيه حقا إذ ليس بمال .
واختلفوا من هذا الباب فيمن سرق صغيرا مملوكا أعجميا ممن لا يفقه ولا يعقل الكلام ، فقال الجمهور : يقطع .
وأما إن كان كبيرا يفقه فقال مالك : يقطع ، وقال أبو حنيفة : لا يقطع .
واختلفوا في الحر ، فعند مالك أن سارقه يقطع ، ولا يقطع عند أبي حنيفة ، وهو قول ابن الماجشون من أصحاب مالك .
واتفقوا كما قلنا أن شبهة الملك القوية تدرأ هذا الحد .
واختلفوا فيما هو شبهة يدرأ من ذل ك مما لا يدرأ منها ، فمنها العبد يسرق مال سيده ، فإن الجمهور من العلماء على أنه لا يقطع ، وقال أبو ثور : يقطع ولم يشترط شرطا ، وقال أهل الظاهر : يقطع إلا أن يأتمنه سيده .
واشترط مالك في الخادم الذي يجب أن يدرأ عنه الحد أن يكون يلي الخدمة لسيده بنفسه ، والشافعي مرة اشترط هذا ومرة لم يشترطه .
ويدرء الحد قال عمر – رضي الله عنه – وابن مسعود ولا مخالف لهما من الصحابة .
ومنها أحد الزوجين يسرق من مال الآخر ، فقال مالك : إذا كان كل واحد ينفرد ببيت فيه متاعه فالقطع على من سرق من مال صاحبه ، وقال الشافعي : الاحتياط أن لا قطع على أحد الزوجين لشبهة الاختلاط وشبهة المال ، وقد روي عنه مثل قول مالك ، واختاره المزني .
ومنها القرابات ، فمذهب مالك فيها أن لا يقطع الاب فيما سرق من مال الابن فقط لقوله عليه الصلاة والسلام : أنت ومالك لابيك ويقطع ما سواهم من القرابات ، وقال الشافعي : لا يقطع عمود النسب الاعلىوالاسفل : يعني الاب والاجداد والابناء وأبناء الابناء ، وقال أبو حنيفة : لا يقطع ذو الرحم المحرمة ، وقال أبو ثور : تقطع يد كل من سرق إلا ما خصصه الاجماع .
ومنها اختلافهم فيمن