بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص356
وقالت طائفة : ليس عليه الحد وتقوم عليه فيغرمها لزوجته إن كانت طاوعته ، وإن كانت استكرهها قومت عليه وهي حرة ، وبه قال أحمد وإسحاق ، وهو قول ابن مسعود .
والاول قول عمر ، ورواه مالك في الموطأ عنه .
وقال قوم : عليه مائة جلدة فقط سواء أكان محصنا أو ثيبا ، وقال قوم : عليه التعزير .
فعمدة من أوجب عليه الحد أنه وطئ دون ملك تام ولا شركة ملك ولا نكاح فوجب الحد .
وعمدة من درأ الحد ما ثبت أن رسول الله عليه الصلاة والسلاقضى في رجل وطئ جارية امرأته أنه كان استكرهها فهي حرة وعليه مثلها لسيدتها وإن كانت طاوعته فهي له ، وعليه لسيدتها مثلها وأيضا فإن له شبهة في مالها بدليل قوله عليه الصلاة والسلام : تنكح المرأة .
فذكر مالها ويقوى هذا المعنى على أصل من يرى أن المرأة محجور عليها من زوجها فيما فوق الثلث ، أو في الثلث فما فوقه ، وهو مذهب مالك .
ومنها ما يراه أبو حنيفة من درء الحد عن واطئ المستأجرة ، والجمهور على خلاف ذلك وقوله في ذلك ضعيف ومرغوب عنه ، وكأنه رأى أن هذه المنفعة أشبهت سائر المنافع التي استأجرها عليها ، فدخلت الشبهة وأشبه نكاح المتعة .
ومنها درء الحد عمن امتنع اختلف فيه أيضا وبالجملة فالانكحة الفاسدة داخلة في هذا الباب ، وأكثرها عند مالك تدرأ الحد إلا ما انعقد منها على شخص مؤبد التحريم بالقرابة مثل الام وما أشبه ذلك ، مما لا يعذر فيبالجهل .
الباب الثاني : في أصناف الزناة وعقوباتهم
والزناة الذين تختلف العقوبة باختلافهم أربعة أصناف : محصنون ثيب وأبكار وأحراروعبيد وذكور وإناث .
والحدود الاسلامية ثلاثة : رجم ، وجلد ، وتغريب .
فأما الثيب الاحرار المحصنون ، فإن المسلمين أجمعوا على أن حدهم الرجم إلا فرقة من أهل الاهواء فإنهم رأوا أن حدكل زان الجلد ، وإنما صار الجمهور للرجم لثبوت أحاديث الرجم ، فخصصوا الكتا ب بالسنة أعني قوله تعالى :
( الزنية والزاني )
الآية .
واختلفوا في موضعين : أحدهما : هل يجلدون مع الرجم أم لا ؟ والموضع الثاني : في شروط الاحصان .
أما المسألة الاولى : فإن العلماء اختلفوا هل يجلد من وجب عليه الرجم قبل الرجم أم لا ؟ فقال الجمهور : لا جلد على من وجب عليه الرجم ، وقال الحسن البصري وإسحاق وأحمد وداود : الزاني المحصن يجلد ثم يرجم .
وعمدة الجمهور : أن رسول الله ( ص ) رجم ماعزا ، ورجم امرأة من جهينة ، ورجم يهوديين وامرأة من عامر من الازد ، كل ذلك مخرج في الصحاح ولم يروا أنه جلد واحدا منهم ، ومن جهة المعنى أن الحد الاصغر ينطوي