بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص350
كتاب القسامة اختلف العلماء في القسامة في أربعة مواضع تجري مجرى الاصول لفروع هذا الباب : المسألة الاولى : هل يجب الحكم بالقسامة أم لا ؟ الثانية : إذا قلنا بوجوبها هل يجب بها الدم أو الدية أو دفع مجرد الدعوى ؟ المسألة الثالثة : هل يبدأ بالايمان فيها المدعون أو المدعى عليهم .
وكم عدد الحالفين من الاولياء ؟ المسألة الرابعة : فيما يعد لوثا يجب به أن يبدأ المدعون بالايما
ن .
المسألة الاولى : أما وجوب الحكم بها على الجملة
فقال به جمهور فقهاء الامصار : مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد وسفيان ، وداود وأصحابهم وغير ذلك من فقهاء الامصار .
وقالت طائفة من العلماء سالم بن عبد الله وأبو قلابة وعمر بن عبد العزيز وابن علية : لا يجوز الحكم بها .
وعمدة الجمهور : ما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام من حديث حويصة ومحيصة وهو حديث متفق على صحته من أهل الحديث ، إلا أنهم مختلفون في ألفاظه على ما سيأتي بعد .
وعمدة الفريق النافي لوجوب الحكم بها أن القسامة مخالفة لاصول الشرع المجمع على صحتها : فمنها أن الاصل في الشرع أن لا يحلف إلا على ما علم قطعا أو شاهد حسا ، وإذا كان ذلك كذلك ، فكيف يقسم أولياء الدم وهم لم يشاهدوا القتل ؟ بل قد يكونون في بلد والقتل في بلد آخر ، ولذلك روى البخاري عن أبي قلابة أن عمر بن عبد العزيز أبرز سريره يوما للناس ثم أذن لهم فدخلوا عليه فقال : ما تقولون في القسامة ؟ فأضب القوم وقالوا : نقول إن القسامة القود بها حق قد أقاد بها الخلفاء فقال : ما تقوليا أبا قلابة ؟ ونصبني للناس .
فقلت : يا أمير المؤمنين عندك أشراف العرب ورؤساء الاجناد ، أرأيت لو أن خمسين رجلا شهدوا عندك على رجل أنه زنى بدمشق ولم يروه أكنت ترجمه ؟ قال : لا .
قلت : أفرأيت لو أن خمسين رجلا شهدوا عندك على رجل أنه سرق بحمص ولم يروه أكنت تقطعه ؟ قال : لا .
وفي بعض الروايات : قلت : فما بالهم إذا شهدوا أنه قتله بأرض كذا وهم عندك أقدت بشهادتهم ؟ قال : فكتب عمر بن عبد العزيز في القسامة : إنهم إن أقاموا شاهدي عدل أن فلانا قتله فأقده ، ولا يقتل بشهادة الخمسين الذين