بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص348
: أن الشرع يوجد فيتفاضل الديات لتفاضل الاعضاء مع أنه يثبته أن يكون من صار إلى ذلك من الصدر الاول إنما صار إليه عن توقيف ، وجميع هذه الاعضاء التي تثبت الدية فيها خطأ فيها القود في قطع ما قطع وقلع ما قلع .
واختلفوا في كسر ما كسر ، منها الساق والذراع هل فيه قود أم لا ؟ فذهب مالك وأصحابه إلى أن القود في كسر جميع العظام إلا الفخذ والصلب ، وقال الشافعي ، والليث : لا قصاص في عظم من العظام بكسر ، وبه قال أبو حنيفة إلا أنه استثنى السن .
وروي عن ابن عباس أنه لا قصاص في عظم ، وكذلك عن عمر .
قال أبو عمر بن عبد البر : ثبت أن النبي ( ص ) أقاد في السن المكسورة من حديث أنس قال : وقد روي من حديث آخر أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يقد من العظم المقطوع في غير المفصل إلا أنه ليس بالقوي .
وروي عن مالك أن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أقاد من كسر الفخذ .
واتفقوا على أن دية المرأة نصف دية الرجل في النفس .
واختلفوا في ديات الشجاج وأعضائها ، فقال جمهور فقهاء المدينة : تساوي المرأة الرجل في عقلها من الشجاج والاعضاء إلى أن تبلغ ثلث الدية ، فإذا بلغت ثلث الدية عادت ديتها إلى النصف من دية الرجل ، أعني دية أعضائها من أعضائه ، مثال ذلك أن في كل أصبع من أصابعها عشرا من الابل ، وفي اثنان منها عشرون ، وفي ثلاثة ثلاثون ، وفي أربعة عشرون ، وبه قال مالك وأصحابه والليث بن سعد ، ورواه مالك عن سعيد بن المسيب وعن عروة بن الزبير ، وهو قول زيد بن ثابت ومذهب عمر بن عبد العزيز .
وقالت طائفة : بل دية جراحة المرأة مثل دية جراحة الرجل إلى الموضحة ، ثم تكون ديتها على النصف من دية الرجل ، وهو الاشهر من قولي ابن مسعود .
وهو مروي عن عثمان ، وبه قال شريح وجماعة ، وقال قوم : بل دية المرأة في جراحها وأطرافها على النصف من دية الرجل في قليل ذلك وكثيره ، وهو قول علي رضي الله عنه ، وروي ذلك عن ابن مسعود ، إلا أن الاشهر عنه ما ذكرناه أولا .
وبهذا القول قال أبو حنيفة والشافعي والثوري .
وعمدة قائلهذا القول : أن الاصل هو أن دية المرأة نصف دية الرجل فواجب التمسك بهذا الاصل حتي يأتي دليل من السماع الثابت ، إذ القياس في الديات لا يجوز وبخاصة لكون القول بالفرق بين القليل والكثير مخالفا للقياس ولذلك قال ربيعة لسعيد ما يأتي ذكره عنه ، ولا اعتماد للطائفة الاولى إلا مراسيل ، وما روي عن سعيد بن المسيب حين سأله ربيعة بن أبي عبد الرحمن كم في أربع من أصابعها ؟ قال عشرون ، قلت حين عظم جرحها واشتدت بليتها نقص عقلها ، قال : أعراقي أنت ؟ قلت : بل عالم متثبت أو جاهل متعلم ، قال : هي السنة .
وروي أيضا عن النبي عليه الصلاة والسلام من مرسل عمرو بن شعيب عن أبيه وعكرمة .
وقد رأى قوم أن قول الصحابي إذا خالف القياس وجب العمل به ، لانه يعلم أنه لم يترك القول به إلا عن توقيف ، لكن في هذا ضعف إذ كان يمكن أن يترك القول به إما