بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص316
كتاب التدبير والنظر في التدبير ، في أركانه ، وفي أحكامه .
وأما الاركان فهي أربعة : المعنى ، واللفظ ، والمدبر والمدبر .
وأما الاحكام فصنفان : أحكام العقد ، وأحكام المدبر .
الركن الاول : فنقول : أجمع المسلمون على جواز التدبير ، وهو أن يقول السيد لعبده : أنت حر عن دبر مني ، أو يطلق فيقول : أنت مدبر ، وهذان هما عندهم لفظا التدبير باتفاق .
والناس في التدبير والوصية على صنفين : منهم من لم يفرق بينهما ، ومنهم من فرق بين التدبير والوصية بأن جعل التدبير لازما والوصية غير لازمة .
والذين فرقوا بينهما اختلفوا في مطلق لفظ الحرية بعد الموت هل يتضمن معنى الوصية ؟ أو حكم التدبير ؟ أعني إذا قال : أنت حر بعد موتي ، فقال مالك : إذا قال وهو صحيح : أنت حر بعد موتي فالظاهر أنه وصية ، والقول قوله في ذلك ، ويجوز رجوعه فيها إلا أن يريد التدبير .
وقال أبو حنيفة : الظاهر من هذا القول التدبير وليس له أن يرجع فيه ، وبقول مالك قال ابن القاسم ، وبقول أبي حنيفة قال أشهب قال : إلا أن يكون هنالك قرينة تدل على الوصية ، مثل أن يكون على سفر أو يكون مريضا ، وما أشبه ذلك من الاحوال التي جرت العادة أن يكتب الناس فيها وصاياهم ، فعلى قول من لا يفرق بين الوصية والتدبير – وهو الشافعي ومن قال بقوله – هذا اللفظ هو من ألفاظ صريح التدبير .
وأما على مذهب من يفرق فهو إما من كنايات التدبير ، وإما ليس من كناياته ولا من صريحه ، وذلك أن ما يحمله على الوصية فليس هو عنده من كناياته ولا من صريحه .
ومن يحمله على التدبير وينويه يقبل هذا العقد هو كل عبد صحيح العبودية ليس يعتق على سيده سواء ملك كله أو بعضه .
واختلفوا في حكم من ملك بعضا فدبره ، فقال مالك : يجوز ذلك ، وللذي لم يدبر حظه خياران : أحدهما : أن يتقاوماه ، فإن اشتراه الذي دبره كان مدبرا كله ، وإن لم يشتره انتقض التدبير .
والخيار الثاني : أن يقومه عليه الشريك ، وقال أبو حنيفة : للشريك