بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص300
وهو أن يعتق على السيد من لا يجوز له بالشريعة ملكه وجب أن يكون العتق بالسعي كذلك .
فالذي بالاختيار منه هو الكتابة والذي هو داخل بغير اختيار هو السعي .
واختلف مالك والشافعي في أحد قوليه إذا كان المعتق موسرا هل يعتق عليه نصيب شريكه بالحكم أو بالسراية ؟ أعني أنه يسري وجوب عتقه عليه بنفس العتق ؟ فقالت الشافعية : يعتق بالسراية ، وقالت المالكية بالحكم ، واحتجت المالكية بأنه لو كان واجبا بالسراية لسرى مع العدم واليسر .
واحتجت الشافعية باللازم عن مفهوم قوله عليه الصلاة والسلام : قوم عليه قيمة العدل فقالوا : ما يجب تقويمه فإنما يجب بعد إتلافه فإذن بنفس العتق أتلف حظ صاحبه فوجب عليه تقويمه في وقت الاتلاف ، وإن لم يكن عليه بذلك حاكم ، وعلى هذا فليس للشريك أن يعتق نصيبه ، لانه قد نفذ العتق وهذا بين .
وقول أبي حنيفة في هذه المسألة مخالف لظاهر الحديثين ، وقد روي فيها خلاف شاذ ، فقيل عن ابن جبرين أنه جعل حصة الشريك في بيت المال ، وقيل عن ربيعة فيمن أعتق نصيبا له في عبد أن العتق باطل .
وقال قوم : لا يقوم على المعسر الكل ، وينفذ العتق فيما أعتق ، وقال قوم بوجوب التقويم على المعتق موسرا أو معسرا ويتبعه شريكه ، وسقط العسر في بعض الروايات في حديث ابن عمر ، وهذا كله خلاف الاحاديث ، ولعلهم لم تبلغهم الاحاديث .
واختلف قول مالك من هذا في فرع وهو إذا كان معسرا فأخر الحكم عليه بإسقاط التقويم حتى أيسر ، فقيل يقوم ، وقيل لا يقوم .
واتفق القائلون بهذه الآثار على أن من ملك باختياره شقصا يعتق عليه من عبد : أنه يعتق عليه الباقي أن كان موسرا إلا إذا ملكه بوجه لا اختيار له فيه ، وهو إن يملكه بميراث – فقال قوم ، يعتق عليه في حال اليسر – وقال قوم : لا يعتق عليه ، وقال قوم : في حال اليسر بالسعاية ، وقال قوم : لا .
وإذا ملك السيد جميع العبد فأعتق بعضه ، فجمهور علماء الحجاز والعراق مالك والشافعي والثوري والاوزاعي وأحمد وابن أبي ليلى ومحمد بن الحسن وأبو يوسف يقولون : يعتق عليه كله ، وقال أبو حنيفة وأهل الظاهر : يعتق منه ذلك القدر الذي عتق ويسعى العبد في الباقي وهو قول طاوس وحماد .
وعمدة استدلال الجمهور أنه لما ثبت السنة في إعتاق نصيب الغير على الغير لحرمة العتق كانأحرى أن يجب ذلك عليه في ملكه .
وعمدة أبي حنيفة أن سبب وجوب العتق على المبعض للعتق هو الضرر الداخل على شريكه ، فإذا كان ذلك كله ملكا له لم يكن هنالك ضرر .
فسبب الاختلاف : من طريق المعنى هل علة هذا الحكم حرمة العتق ، أعني أنه لا يقع فيه تبعيض ، أو مضرة الشريك ؟ .
واحتجت الحنفية بما رواه إسماعيل بن أمية عن أبيه عن جده أنه أعتق نصف عبده ، فلم ينكر رسول الله ( ص ) عتقه .
ومن عمدة الجمهور ما رواه النسائي وأبو داود عن أبي المليح عن أبيه : أن رجلا من هذيل أعتق شقصا له من مملوك فتمم النبي عليه الصلاة والسلام عتقه وقال : ليس لله شريك وعلى هذا فقد نص على