بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص294
أو ولاء ، وكان قد قيل في الذي يكون بالنسب والصهر ، فيجب أن نذكر ههنا الولاء .
ولمن يجب فيه ممن لا يجب ، وما أحكامه ؟ .
باب في الولاء فأما من يجب له الولاء ، ففيه مسائل مشهورة تجري مجرى الاصول لهذا الباب .
المسألة
الاولى : أجمع العلماء على أن من أعتق عبده عن نفسه فإن ولاءه له وأنه يرثه إذا لم يكن له وارث ، وأنه عصبة له إذا كان هنالك ورثة لا يحيطون بالمال .
فأما كون الولاء للمعتق عن نفسه ، فلما ثبت من قوله عليه الصلاة والسلام في حديث بريرة : إنما الولاء لمن أعتق واختلفوا إذا أعتق عبدا عن غيره ، فقال مالك الولاء للمعتق عنه لا الذي باشر العتق ، وقال أبو حنيفة والشافعي : إن أعتقه عن علم المعتق عنه ، فالولاء للمعتق عنه ، وإن أعتقه عن غير علمه ، فالولاء للمباشر للعتق .
وعمدة الحنفية والشافعية ظاهر قوله عليه الصلاة والسلام : الولاء لمن أعتق وقوله عليه الصلاة والسلام : الولاء لحمة كلحمة النسب قالوا : فلما لم يجز أن يلتحق نسب بالحر بغير إذنه ، فكذلك الولاء ، ومن طريق المعنى فلان عتقه حرية وقعت في ملك المعتق ، فوجب أن يكون الولاء له ، أصله إذا أعتقه من نفسه .
وعمدة مالك أنه إذا أعتقه عنه فقد ملكه إياه ، فأشبه الوكيل ، ولذلك اتفقوا على أنه إذا أذن له المعتق عنه كان ولاؤه له لا للمباشر وعند مالك أنه من قال لعبده : أنت حر لوجه الله وللمسلمين أن الولاء يكون للمسلمين ، وعندهم يكون للمعتق .
المسألة الثانية : اختلف العلماء فيمن أسلم على يديه رجل هل يكون ولاؤه له ؟ فقال مالك والشافعي والثوري وداود وجماعة : لا ولاء له ، وقال أبو حنيفة وأصحابه : له ولاؤه إذا والاه ، وذلك أن مذهبهم أن للرجل أن يوالي رجلا آخر فيرثه ويعقل عنه ، وأن له أن ينصرف من ولاؤه إلى ولاء غيره ما لم يعقل عنه ، وقال غيره : بنفس الاسلام على يديه يكون له ولاؤه .
فعمدة الطائفة الاولى قوله ( ص ) : إنما الولاء لمن أعتق وإنما هذه هي التي يسمونها الحاصرة ، وكذلك الالف واللام هي عندهم للحصر ومعنى الحصر هو أن يكون الحكم خاصا بالمحكوم عليه لا يشاركه فيهغيره : أعني أن لا يكون ولاء بحسب مفهوم هذا القول إلا للمعتق فقط المباشر .
وعمدة الحنفية في إثبات الولاء بالموالاة قوله تعالى :
( ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والاقربون)
وقوله تعالى :
( والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم)