بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص272
كتاب الوصايا والنظر فيها ينقسم أولا قسمين
القسم الاول : النظر في الاركان
والثاني : في الاحكام .
ونحن فإنما نتكلم من هذه فيما وقع فيها من المسائل المشهورة .
القول في الاركان والاركان أربعة : الموصي ، والموصى له ، والموصى به ، والوصية .
أما الموصي فاتفقوا على أنه كل مالك صحيح الملك ، ويصح عند مالك وصية السفيه والصبي الذي يعقل القرب ، وقال أبو حنيفة لا تجوز وصية الصبي الذي لم يبلغ ، وعن الشافعي القولان .
وكذلك وصية الكافر تصح عندهم إذا لم يوص بمحرم .
وأما الموصى له فإنهم اتفقوا على أن الوصية لا تجوز لوارث لقوله عليه الصلاة والسلام : لا وصية لوارث واختلفوا هل تجوز لغير القرابة ؟ فقال جمهور العلماء : إنها تجوز لغير الاقربين مع الكراهية ، وقال الحسن وطاوس : ترد الوصية على القرابة ، وبه قال إسحاق .
وحجة هؤلاء ظاهر قوله تعالى :
( الوصية للوالدين والاقربين)
والالف واللام تقتضي الحصر .
واحتج الجمهور بحديث عمران بن حصين المشهور وهو : أن رجلا أعتق ستة أعبد له في مرضه عند موته لا مال له غيرهم ، فأقرع رسول الله ( ص ) بينهم ، فأعتق اثنين وأرق أربعة والعبيد غير القرابة ، وأجمعوا – كما قلنا – أنها لا تجوز لوارث إذا لم يجزها الورثة .
واختلفوا – كما قلنا – إذا أجازتها الورثة ، فقال الجمهور : تجوز ، وقال أهل الظاهر والمزني : لا تجوز .
وسبب الخلاف : هل المنع لعلة الورثة أو عبادة ؟ فمن قال عبادة قال : لا تجوز وإن أجازها الورثة ، ومن قال بالبيع لحقالورثة أجازها إذا أجازها الورثة ، وتردد هذا الخلاف راجع إلى تردد المفهوم من قوله عليه الصلاة والسلام : لا وصية لوارث هل هو معقول المعنى أم ليس بمعقول ؟ واختلفوا في الوصية للميت ، فقال قوم : تبطل بموت الموصى له ، وهم الجمهور ، وقال قوم : لا تبطل ، و