بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص243
الذي يحيله به مثل الذي يحيله عليه في القدر والصفة ، لانه إذا اختلفا في أحدهما كان بيعا ولم يكن حوالة ، فخرج من باب الرخصة إلى باب البيع ، وإذا خرإلى باب البيع دخله الدين بالدين .
والشرط الثالث : أن لا يكون الدين طعاما من سلم أو أحدهما ولم يحل الدين المستحال به على مذهب ابن القاسم ، وإذا كان الطعامان جميعا من سلم فلا تجوز الحوالة بأحدهما على الآخر حلت الآجال أو لم تحل ، أو حل أحدهما ولم يحل الآخر ، لانه يدخله بيع الطعام قبل أن يستوفي كما قلنا لكن أشهب يقول : إن استوت رؤوس أموالهما جازت الحوالة وكانت تولية ، وابن القاسم لا يقول ذلك كالحال إذا اختلفت ويتنزل المحال في الدين الذي أحيل عليه منزلة من أحاله ، ومنزلته في الدين الذي أحال به ، وذلك فيما يريد أن يأخذ بدله منه أو يبيعه له من غيره ، أعني أنه لا يجوز له من ذلك إلا ما يجوز له مع الذي أحاله وما يجوز للذي أحال مع الذي أحاله عليه ، ومثال ذلك إن احتال بطعام كان له من قرض في طعام من سلم ، أو بطعام من سلم في طعام من قرض لم يجز له أن يبيعه من غيره قبل قبضه منه ، لانه إن كان احتال بطعام كان من قرض في طعام من سلم نزل منزلةالمحيل في أنه لا يجوز له بيع ما على غريمه قبل أن يستوفيه لكونه طعاما من بيع ، وإن كان احتال بطعام من سلم في طعام من قرض نزل من المحتال عليه منزلته مع من أحاله ، أعني أنه ما كان يجوز له أن يبيع الطعام الذي كان على غريمه المحيل له قبل أن يستوفيه ، كذلك لا يجوز أن يبيع الطعام الذي أحيل عليه وإن كان من قرض ، وهذا كله مذهب مالك ، وأدلة هذه الفروق ضعيفة .
وأما أحكامها فإن جمهور العلماء على أن الحوالة ضد الحمالة ، في أنه إذا أفلس المحال عليه لم يرجع صاحب الدين على المحيل بشئ ، قال مالك وأصحابه : إلا أن يكون المحيل غره فأحاله على عديم ، وقال أبو حنيفة : يرجع صاحب الدين على المحيل إذا مات عليه مفلسا أو جحد الحوالة وإن لم تكن له بينة ، وبه قال شريح وعثمان البتي وجماعة .
وسبب اختلافهم : مشابهة الحوالة للحمالة .