بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص218
القول في القسم الثاني : وهو قسمة المنافع
أما قسمة المنافع ، فإنها لا تجوز بالسهمة على مذهب ابن القاسم ولا يجبر عليها من أباها ، ولا تكون القرعة على قسمة المنافع .
وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه يجبر على قسمة المنافع ، وقسمة المنافع هي عند الجميع بالمهايأة ، وذلك إما بالازمان وإما بالاعيان .
أما قسمة المنافع بالازمان فهو أن ينتفع كل واحد منهما بالعين مدة مساوية لمدة انتفاع صاحبه .
وأما قسم الاعيان بأن يقسما الرقاب على أن ينتفع كل واحد منهما بما حصل له مدة محدودة والرقاب باقية على أصل الشركة .
وفي المذهب في قسمة المنافع بالزمان اختلاف في تحديد المدة التي تجوز فيها القسمة لبعض المنافع دون بعض للاغتلال أو الانتفاع مثل استخدام العبد وركوب الدابة وزراعة الارض ، وذلك أيضا فيما ينقل ويحول ، أو لا ينقل ولا يحول .
فأما فيما ينقل ويحول فلا يجوز عند مالك وأصحابه في المدة الكثيرة ويجوز في المدة اليسيرة ، وذلك في الاغتلال والانتفاع .
وأما فيما لا ينقل ولا يحول ، فيجوز في المدة البعيدة والاجل البعيد ، وذلك في الاغتلال والانتفاع .
واختلفوا في المدة اليسيرة فيما ينقل ويحول في الاغتلال فقيل : اليوم لواجد ونحوه ، وقيل : لا يجوز ذلك في الدابة والعبد .
وأما الاستخدام فقيل يجوز في مثل الخمسة الايام ، وقيل في الشهر وأكثر من الشهر قليلا .
وأما التهايؤ في الاعيان بأن يستعمل هذا دارا مدة من الزمان ،وهذا دارا تلك المدة بعينها ، فقيل يجوز في سكني الدار وزراعة الارضين ، ولا يجوز ذلك في الغلة والكراء إلا في الزمان اليسير ، وقيل يجوز على قياس التهايؤ بالازمان ، وكذلك القول في استخدام العبد والدواب يجري القول فيه علل الاختلاف في قسمتها بالزمان .
فهذا
هو القول في أنواع القسمة
في الرقاب ، وفي المنافع وفي الشروط المصححة والمفسدة .
وبقي من هذا الكتاب القول في الاحكام .
القول في الاحكام والقسمة من العقود اللازمة لا يجوز للمتقاسمين نقضها ولا الرجوع فيها إلا بالطوارئ عليها .
والطوارئ ثلاثة : غبن ، أو وجود عيب ، أو استحقاق .
فأما الغبن فلا يوجب الفسخ إلا في قسمة القرعة باتفاق في المذهب إلا على قياس من يرى له تأثيرا في البيع ، فيلزم على مذهبه أن يؤثر في القسمة .
وأما الرد بالعيب ، فإنه لا يخلو على مذهب ابن القاسم أن يجد العيب في جل نصيبه أو في أقله ، فإن وجده في جل نصيبه ، فإنه لا يخلو أن يكون النصيب الذي حصل لشريكه قد فات أو لم يفت ، فإن كان قد فات رد الواجد للعيب نصيبه على الشركة وأخذ من شريكه نصف قيمة نصيبه يوم قبضه ، وإن كان لم يفت انفسخت القسمة وعادت الشركة إلى أصلها ، وإن كان العيب في أقل ذلك رد ذلك الاقل على أصل الشركة فقط ، سواء فات نصيب صاحبه أو لم يفت ، ورجع على شريكه بنص