بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص213
لا تبطل الشفعة من رأى أنها بيع ، ومن رأى أنها فسخ – أعني الاقالة – واختلف أصحاب مالك على من عهدة الشفيع في الاقالة ؟ فقال ابن القاسم : على المشتري ، وقال أشهب : هو مخير .
ومنها اختلافهم إذا أحدث المشتري بناء أو غرسا أو ما يشبه في الشقص قبل قيام الشفيع بطلب شفعته ، فقال مالك : لا شفعة إلا أن يعطي المشتري قيمة ما بنى وما غرس ، وقال الشافعي وأبو حنيفة : هو متعد وللشفيع أن يعطيه قيمة بنائه مقلوعا أو يأخذه بنقضه .
والسبب في اختلافهم : تردد تصرف المشفوع عليه العالم بوجوب الشفعة عليه بين شبهة تصرف الغاصب وتصرف المشتري الذي يطرأ عليه الاستحقاق وقد بني في الارض وغرس ، وذلك أنه وسط بينهما ، فمن غلب عليشبه الاستحقاق لم يكن له أن يأخذ القيمة ، ومن غلب عليه شبه التعدي قال : له أيأخذه بنقضه أو يعطيه قيمته منقوضا .
ومنها اختلافهم إذا اختلف المشتري والشفيع في مبلغ الثمن ، فقال المشتري : اشتريت الشقص بكذا ، وقال الشفيع : بل اشتريته بأقل ، ولم يكن لواحد منهما بينة ، فقال جمهور الفقهاء : القول قول المشتري ، لان الشفيع مدع والمشفوع عليه مدعى عليه .
وخالف في ذلك بعض التابعين فقالوا : القول قول الشفيع ، لان المشتري قد أقر له بوجوب الشفعةوادعى عليه مقدارا من الثمن لم يعترف له به .
وأما أصحاب مالك فاختلفوا في هذه المسألة ، فقال ابن القاسم : القول قول المشتري إذا أتى بما يشبه باليمين ، فإن أتى بما لا يشبه فالقول قول الشفيع .
وقال أشهب : إذا أتى بما يشبه فالقول قول المشتري بلا يمين وفيما لا يشبه باليمين .
وحكي عن مالك أنه قال : إذا كان المشتري ذا سلطان يعلم بالعادة أنه يزيد في الثمن قبل قول المشتري بغير يمين ، وقيل إذا أتى المشتري بما لا يشبه رد الشفيع إلى القيمة ، وكذلك فيما أحسب إذا أتى كل واحد منهما بمالا يشبه واختلفوا إذا أتى كل واحد ببينة وتساوت العدالة فقال ابن القاسم : يسقطان معا ويرجع إلى الاصل من أن القول قول المشتري مع يمينه .
وقال أشهب : البينة بينة المشتري لانها زادت علما .