بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص207
كتاب الشفعة والنظر في الشفعة أولا في قسمين :
القسم الاول : في تصحيح هذا الحكم وفي أركانه
القسم الثاني : في أحكامه .
القسم الاول : فأما وجوب الحكم بالشفعة ، فالمسلمون متفقون عليه ، لما ورد في ذلك من الاحاديث الثابتة ، إلا ما يتأمل على من يرى بيع الشقص المشاع ، وأركانها أربعة : الشافع ، والمشفوع عليه ، والمشفوع فيه ، وصفة الاخذ بالشفعة .
الركن الاول : وهو الشافع
، ذهب مالك والشافعي ، وأهل المدينة إلى أن لا شفعة إلا للشريك ما لم يقاسم ، وقال أهل العراق : الشفعة مرتبة ، فأولى الناس بالشفعة الشريك الذي لم يقاسم ، ثم الشريك المقاسم إذا بقيت في الطرق أو في الصحن شركة ، ثم الجار الملاصق ، وقال أهل المدينة : لا شفعة للجار ولا للشريك المقاسم .
وعمدة أهل المدينة : مرسل مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب أن رسول الله ( ص ) قضى بالشفعة فيما لم يقسم بين الشركاء ، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة وحديث جابر أيضا أن رسول الله ( ص ) قضى بالشفعة فيما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة خرجه مسلم والترمذي وأبو داود وكان أحمد بن حنبل يقول : حديث معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أصح ما روي في الشفعة .
وكان ابن معين يقول : مرسل مالك أحب إلي إذ كان مالك إنما رواه عن ابن شهاب موقوفا وقد جعلقوم هذا الاختلاف على ابن شهاب في إسناده توهينا له ، وقد روي عن مالك في غير الموطأ عن ابن شهاب عن أبي هريرة ، ووجه استدلالهم من هذا الاثر ما ذكر فيه من أنه إذا وقعت الحدود فلا شفعة ، وذلك أنه لما كانت الشفعة غير واجبة للشريك المقاسم ، فهي أحرى أن لا تكون واجبة للجار ، وأيضا فإن الشريك المقاسم هو جار إذا قاسم .
وعمدة أهل العراق حديث أبي رافع عن النبي ( ص ) أنه قال : الجار أحق بصقبه وهو حديث متفق عليه ، وخرج اللترمذي وأبو داود عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : جار الدار أحق بدا