بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص189
الصانع وقول المكري وإن طال ، وهو الاصل .
وإذا اختلف المكري والمكتري أو الاجير والمستأجر في مدة الزمان الذي وقع فيه استيفاء المنفعة إذا اتفقا على أن المنفعة لم تستوف في جميع الزمان المضروب في ذلك ، فالمشهور في المذهب أن القول قول المكتري والمستأجر لانه الغارم ، والاصول على أن القول قول الغارم ، وقال ابن الماجشون : القول قول المكتري له والمستأجر إذا كانت العين مستوفاة منها المنافع في قبضهما مثل الدار وما أشبه ذلك .
وأما ما لم يكن في قبضه مثل الاجير فالقول قول الاجير .
ومن مسائل المذهب المشهورة في هذا الباب اختلاف المتكاريين في الدواب وفي الرواحل ، وذلك أن اختلافهما لا يخلو أن يكون في قدر المسافة ، أو نوعها .
أو قدر الكراء أو نوعه ، فإن كان اختلافهما في نوع المسافة ، أو في نوع الكراء ، فالتحالف والتفاسخ كاختلاف المتبايعين في نوالثمن ، قال ابن القاسم : انعقد أو لم ينعقد ، وقال غيره : القول قول رب الداب إذا انعقد وكان يشبه ما قال .
وإن كان اختلافهما في قدر المسافة ، فإن كان قبل الركوب أو بعد ركوب يسير ، فالتحالف والتفاسخ ، وإن كان بعد ركوب كثير ، أو بلوغ المسافة التي يدعيها رب الدابة فالقول قول رب الدابة في المسافة إن انعقد وكان يشبه ما قال ، وإن لم ينعقد وأشبه قوله تحالفا ويفسخ الكراء على أعظم المسافتين ، فما جعل منه للمسافة التي ادعاها رب الدابة أعطيه .
وكذلك إن انعقد ولم يشبه قوله ، وإن اختلفا في الثمن واتفقا على المسافة فالقول قول المكتري نقد أو لم ينقد لانه مدعى عليه .
وإناختلفا في الامرين جميعا في المسافة والثمن مثل أن يقول والدابة بقرطبة : اكتريت منك إلى قرمونة بدينارين ويقول المكتري : بل بدينار إلى إشبيلية ، فإن كان أيضا قبل الركوب أو بعد ركوب لا ضرر عليهما في الرجوع تحالفا وتفاسخا ، وإن كان بعد سير كثير أو بلوغ المسافة التي يدعيها رب الدابة ، فإن كان لم ينقد المكتري شيئا كان القول قول رب الدابة في المسافة ، والقول قول المكتري في الثمن ، ويغرم من الثمن ما يجب له من قرطبة إلى قرمونة ، على أنه لو كان الكراء به إلى إشبيلية وذلك أنه قول المكتري ، وإن لم يشبه ما قال رب الدابة غرم دينارين وإن كان المكتري نقد الثمن الذي يدعي أنه للمسافة الكبرى وأشبه قول رب الدابة كان القول قول رب الدابة في المسافة ويبقى له ذلك الثمن الذي قبضه لا يرجع عليه بشئ منه إذ هو مدعى عليه في بعضه ، وهو يقول : بل هو لي وزيادة ، فيقبل قوله فيه لانه قبضه ، ولا يقبل قوله في الزيادة ويسقط عنه ما لم يقرب به من المسافة أشبه ما قال أو لم يشبه ، إلا أنه إذا لم يشبه قسم الكراء الذي أقر به المكتري على المسافة ، فيأخذ رب الدابة من ذلك ماناب المسافة التي ادعاها .
وهذا القدر كاف لي في هذا الباب .