بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص187
لم يكن الوقت مقصودا فإنه لا ينفسخ ، هذا كله عنده في الكراء الذي يكون في الاعيان .
فأما الكراء الذي يكون في الذمة فإنه لا ينفسخ عنده بذها ب العين التي قبض المستأجر ليستوفي منها المنفعة إذ كان لم ينعقد الكراء على عين بعينها وإنما انعقد على موصوف في الذمة .
وفروع هذا الباب كثيرة ، وأصوله هي هذه التي ذكرناها .
الفصل الثاني : وهو النظر في الضمان
والضمان عند الفقهاء علوجهين : بالتعدي ، أو لمكان المصلحة وحفظ الاموال .
فأما بالتعدي فيجب على المكري باتفاق ، والخلاف إنما هو في نوع التعدي الذي يوجب ذلك أو لا يوجبه وفي قدره ، فمن ذلك اختلاف العلماء في القضاء فيمن اكترى دابة إلى موضع ما فتعدى بها إلى موضع زائد على الموضع الذي انعقد عليه الكراء ، فقال الشافعي وأحمد : عليه الكراء الذي التزمه إلى المسافة المشترطة ومثل كراء المسافة التي تعدى فيها ، وقال مالك : رب الدابة بالخيار في أن يأخذ كراء دابته في المسافة التي تعدى فيها أو يضمن له قيمة الدابة ، وقال أبو حنيفة : لا كراء عليه في المسافة المتعداة ، ولا خلاف أنها إذا تلفت في المسافةالمتعداة أنه ضامن لها .
فعمدة الشافعي أنه تعدى على المنفعة فلزمه أجرة المثل أصله التعدي على سائر المنافع .
وأما مالك فكأنه لما حبس الدابة عن أسواقها رأى أنه قد تعدى عليها فيها نفسها فشبهه بالغاصب ، وفيه ضعف ، وأما مذهب أبي حنيفة فبعيد جدا عما تقتضيه الاصول الشرعية ، والاقرب إلى الاصول في هذه المسألة هو قول الشافعي .
وعند مالك أن عثار الدابة لو كانت عثور تعد من صاحب الدابة يضمن بها الحمل ، وكذلك إن كانت الحبال رثة ، ومسائل هذا الباب كثيرة .
وأما الذين اختلفوا في ضمانهم من غير تعد إلا من جهة المصلحة فهم الصناع ، ولا خلاف عندهم أن الاجير ليس بضامن لما هلك عنده مما استؤجر عليه إلا أن يتعدى ما عدا حامل الطعام والطحان ، فإن مالكا ضمنه ما هلك عنده ، إلا أن تقوم له بينة على هلاكه من غير سببه .
وأما تضمين الصناع ما ادعوا هلاكه من المصنوعات المدفوعة إليهم ، فإنهم اختلفوا في ذلك ، فقال مالك وابن أبي ليلى وأبو يوسف : يضمنون ما هلك عندهم ، وقال أبو حنيفة : لا يضمن من عمل بغير أجر ولا الخاص ، ويضمن المشترك ومن عمل بأجر .
وللشافعي قولان في المشترك .
والخاص عندهم هو الذي يعمل في منزل المستأجر ، وقيل هو الذي لم ينتصب للناس ، وهو مذهب مالك في الخاص ، وهو عنده غير ضامن ، وتحصيل مذهب مالك على هذا أن الصانع المشترك يضمن ، وسواء عمل بأجر أو بغير أجر ، وبتضمين الصناع قال علي وعمر ، وإن كان قد اختلف عن علي في ذلك .
وعمدة من لم ير الضمان عليهم أنه شبه الصانع بالمودع عنده والشريك والوكيل وأجير الغنم ، ومن ضمنه فلا دليل له إلا النظر إلى المصلحة وسد الذريعة .
وأما من فرق بين أن يعملوا بأجر أو لا يعملوا بأجر ، فلان العامل بغير أجر إنما قبض المعمول لمنفعة صاحبه فقط فأشبه المودع ، وإذا قبضها بأجر فالمنفعة لكليهما ، فغلبت