پایگاه تخصصی فقه هنر

بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص132

عنه .

ووجه قول ابن حبيب أنه استثنى عضوا معينا معلوما ، فلم يضره ما عليه من الجلد أصله شراء الحب في سنبله والجوز في قشره .

وأما إن كان المستثنى من الحيوان بشرط الذبح إما عرفا وإما ملفوظا به جزءا مقدرا مثل أرطال من جزور ، فعن مالك في ذلك روايتان : إحداهما : المنع ، وهي رواية ابن وهب ، والثانية : الاجازة في الارطال اليسيرة فقط ، وهي رواية ابن القاسم .

وأجمعوا من هذا الباب على جواز بيع الرجل ثمر حائطه واستثناء نخلات معينات منه قياسا على جواز شرائها .

واتفقوا على أنه لا يجوز أن يستثني من حائط له عدة نخلات غير معينات إلا بتعيين المشتري لها بعد البيع ، لانه بيع ما لم يره المتبايعان واختلفوا في الرجل يبيع الحائط ويستثنى منه عدة نخلاتبعد البيع ، فمنعه الجمهور لمكان اختلاف صفة النخيل ، وروي عن مالك إجازته ، ومنع ابن القاسم قوله في النخلات وأجازه في استثناء الغنم .

وكذلك اختلف قول مالك وابن القاسم في شراء نخلات معدودة من حائطه على أن يعينها بعد الشراء المشتري فأجازه مالك ومنعه ابن القاسم .

وكذلك اختلفوا إذا استثنى البائع مكيلة من حائط ، قال أبو عمر بن عبد البر : فمنع ذلك فقهاء الامصار الذين تدور الفتوى عليهم ، وألفت الكتاب على مذاهبهم لنهيه ( ص ) عن الثنيا في البيع ، لانه استثناء مكيل من جزاف ، وأما مالك وسلفه من أهل المدينة فإنهم أجازوا ذلك فيما دون الثلث ومنعوه فيما فوقه ، وحملوا النهي عن الثنيا على ما فوق الثلث ، وشبهوا بيع ما عدا المستثنى ببيع الصبرة التي لا يعلم مبلغ كيلها فتباع جزافا ويستثنى منها كيل ما ، وهذا الاصل أيضا مختلف فيه ، أعني إذا استثني منها كيل معلوم واختلف العلماء من هذا الباب في بيع وإجارة معا في عقد واحد ، فأجازه مالك وأصحابه ، ولم يجزه الكوفيون ولا الشافعي ، لان الثمن يرون أنه يكون حينئذ مجهولا ، ومالك يقول إذا كانت الاجارة معلومة لم يكن الثمن مجهولا ، وربما رآه الذين منعوه من باب بيعتين في بيعة .

وأجمعوا على أنه لا يجوز السلف أو البيع كما قلنا .

واختلف قول مالك في إجازة السلف والشركة ، فمرأجاز ذلك ومرة منعه ، وهذه كلها اختلف العلماء فيها لاختلافهم بالاقل والاكثر في وجود علل المنع فيها المنصوص عليها ، فمن قويت عنده علة المنع في مسألة منها منعها ، ومن لم تقو عنده أجازها ، وذلك راجع إلى ذوق المجتهد ، لان هذه الموا يتجاذب القول فيها إلى الضدين على السواء عند النظر فيها ، ولعل في أمثال هذه المواد يكون القول بتصويب كل مجتهد صوابا ، ولهذا ذهب بعض العلماء في أمثال هذه المسائل إلى التخيير .