پایگاه تخصصی فقه هنر

بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص130

الشهر ، وقيل السنة ، فذلك جائز على حديث جابر .

وأما أن يشترط منعا من تصرف خاص أوعام ، فذلك لا يجوز لانه من الثنيا ، مثل أن يبيع الامة على أن لا يطأها أو لا يبيعها ، وأما أن يشترط معنى من معاني البر مثل العتق ، فإن كان اشترط تعجيله جاز عنده ، وإن تأخر لم يجز لعظم الغرر فيه .

وبقول مالك في إجازة البيع بشرط العتق المعجل قال الشافعي على أن من قوله منع بيع وشرط ، وحديث جابر عنده مضطرب اللفظ ، لان في بعض رواياته أنه باعه واشترط ظهره إلى المدينة ، وفي بعضها أنه أعاره ظهره إلى المدينة .

ومالك رأى هذا من باب الغرر اليسير فأجازه في المدة القليلة ولم يجزه في الكثيرة .

وأما أبو حنيفة فعلى أصله في منع ذلك .

وأما إن اشترط معنى في المبيع ليس ببر مثل أن لا يبيعها ، فذلك لا يجوز عند مالك ، وقيل عنه : البيع مفسوخ ، وقيل : بل يبطل الشرط فقط .

وأما من قال له البائع : متى جئتك بالثمن رددت علي المبيع فإنه لا يجوز عند مالك ، لانه يكون مترددا بين البيع والسلف ، إن جاء بالثمن كان سلفا ، وإن لم يجئ كان بيعا .

واختلف في المذهب هل يجوز ذلك في الاقالة أم لا ؟ فمن رأى أن الاقالة بيع فسخها عنده ما يفسخ سائر البيوع ، ومن رأى أنها فسخ فرق بينها وبين البيوع .

واختلف أيضا فيمن باع شيئا بشرط أن لا يبيعه حتى ينتصف من الثمن ، فقيل عن مالك يجوز ذلك لان حكمه حكم الرهن ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الرهن هو المبيع أو غيره ، وقيل عن ابن القاسم : لا يجوز ذلك ، لانه شرط يمنع المبتاع التصرف في المبيع المدة البعيدة التي لا يجوز للبائع اشتراط المنفعة فيها ، فوجب أن يمنع صحة البيع ، ولذلك قال ابن المواز إنه جائز في الامد القصير .

ومن المسموع في هذا الباب نهيه ( ص ) عن بيع وسلف ، اتفق الفقهاء على أنه من البيوع الفاسدة واختلفوا إذا ترك الشرط قبل القبض ، فمنعه أبو حنيفة والشافعي وسائر العلماء ، وأجاز مالك وأصحابه إلا محمد بن عبد الحكم ، وقد روي عن مالك مثل قول الجمهور ، وحجة الجمهور أن النهي يتضمن فساد المنهي عنه مع أن الثمن يكون في المبيع مجهولا لاقتران السلف به .

وقد روي أن محمد بن أحمد بن سهل البرمكي سأل عن هذه المسألة إسماعيل بن إسحاق المالكي فقال له : ما الفرق بين السلف والبيع ، وبين رجل باع غلاما بمائة دينار وزق خمر فلما عقد البيع قال : أنا أدع الزق ، قال : وهذا البيع مفسوخ عند العلماء بإجماع ، فأجاب إسماعيل عن هذا بجواب لا تقوم به حجة ، وهو أن قال له : الفرق بينهما أن مشترط السلف هو مخير في تركه ، أو عدم تركه ، وليس كذلك مسألة زق الخمر وهذا الجواب هو نفس الشئ الذي طولب فيه بالفرق ، وذلك أنه يقال له : لم كان هنامخيرا ولم يكن هنالك مخيرا في أن يترك الزق ويصح البيع ؟ والاشبه أن يقال إن التحريم ههنا لم يكن لشئ محرم بعينه وهو السلف لان السلف مباح ، وإنما وقع التحريم من أجل الاقتران : أعني اقتران البيع به ، وكذلك البيع في نفسه جائز ، وإنما امتنع من قبل اقتران