پایگاه تخصصی فقه هنر

بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص129

شرط والحديث متفق على صحته .

والثالث : حديث جابر قال : نهى رسول الله ( ص ) عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة والمعاومة والثنيا ، ورخص في العرايا وهو أيضا في الصحيح خرجه مسلم .

ومن هذا الباب ما روي عن أبي حنيفة أنه روى أن رسول الله ( ص ) نهى عن بيع وشرط فاختلف العلماء لتعارض هذه الاحاديث في بيع وشرط ، فقال قوم : البيع فاسد والشرط جائز .

وممن قال بهذا القول الشافعي وأبو حنيفة ، وقال قوم : البيع جائز والشرط جائز ، وممن قال بهذا القول ابن أبي شبرمة ، وقال قوم : البيع جائز والشرط باطل ، وممن قال بهذا القول ابن أبي ليلى ، وقال أحمد : البيع جائز مع شرط واحد ، وأما مع شرطين فلا فمن أبطل البيع والشرط أخذ بعموم نهيه عن بيع وشرط ، ولعموم نهيه عن الثنيا ، ومن أجازهما جميعا أخذ بحديث عمر الذي ذكر فيه البيع والشرط ، ومن أجاز البيع وأبطل الشرط أخذ بعموم حديث بريرة ، ومن لم يجز الشرطين وأجاز الواحد احتج بحديث عمرو بن العاص خرجه أبو داود قال : قال رسول الله ( ص ) لا يحل سلف وبيع ، ولا يجوز شرطان في بيع ، ولا ربح ما لم تضمن ، ولا بيع ما ليس هو عندك .

وأما مالك فالشروط عنده تنقسم ثلاثة أقسام : شروط تبطل هي والبيع معا ، وشروط تجوز هي والبيع معا ، وشروط تبطل ويثبت البيع .

وقد يظن أن عنده قسما رابعا وهو أن من الشروط ما إن يمسك المشترط بشرطه بطل البيع ، وإنتركه جاز البيع ، وإعطاء فروق بينة في مذهبه بين هذه الاصناف الاربعة عسير ، وقد رام ذلك كثير من الفقهاء ، وإنما هي راجعة إلى كثرة ما يتضمن الشروط من صنفي الفساد الذي يخل بصحة البيوع وهما الربا والغرر وإلى قلته وإلى التوسط بين ذلك ، أو إلى ما يفيد نقصا في الملك ، فما كان دخول هذه الاشياء فيه كثيرا من قبل الشرط أبطله وأبطل الشرط ، وما كان قليلا أجازه وأجاز الشرط فيها ، وما كان متوسطا أبطل الشرط وأجاز البيع .

ويرى أصحابه أن مذهبه هو أولى المذاهب ، إذ بمذهبه تجتمع الاحاديث كلها ، والجمع عندهم أحسن من الترجيح .

وللمتأخرين من أصحاب مالك في ذلك تفصيلات متقاربة ، وأحد من له ذلك جدي والمازري والباجي ، وتفصيله في ذلك أن قال : إن الشرط في المبيع يقع على ضربين أولين : أحدهما : أن يشترطه بعد انقضاء الملك مثل من يبيع الامة أو العبد ، ويشترط أنه متى عتق كان له ولاؤه دون المشتري ، فمثل هذا قالوا : يصح فيه العقد ويبطل الشرط لحديث بريرة .

والقسم الثاني : أن يشترط عليه شرطا يقع في مدة الملك ، وهذا قالوا : ينقسم إلى ثلاثة أقسام : إما أن يشترط في المبيع منفعة لنفسه ، وإما أن يشترط على المشتري منعا من تصرف عام أو خاص ، وإما أن يشترط إيقاع معنى في المبيع ، وهذا أيضا ينقسم إلى قسمين : أحدهما : أن يكون معنى من معاني البر .

والثاني : أن يكون معنى ليس فيه من البر شئ .

فأما إذا اشترط لنفسه منفعة يسيرة لا تعود بمنع التصرف في أصل المبيع ، مثل أن يبيع الدار ويشترط سكناها مدة يسيرة مثل