پایگاه تخصصی فقه هنر

بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص127

الكوفيون وأحمد وإسحق والشافعي في هذا كله ، فقالوا : لا يجوز بيع بطن منها بشرط بطن آخر ، وحجة مالك فيما لا يتميز أنه لا يمكن حبس أوله على آخره ، فجاز أن يباع ما لم يخلق منها مع ما خلق وبدا صلاحه ، أصله جواز بيع ما لم يطب من الثمر مع ما طاب ، لان الغرر في الصفة شبهه بالغرر في عين الشئ .

وكأنه رأى أن الرخصة ههنا يجب أن تقاس على الرخصة في بيع الثمار ، أعني ما طاب مع ما لم يطب لموضع الضرورة ، والاصل عنده أن من الغرر ما يجوز لموضع الضرورة ، ولذلك منع على إحدى الروايتين عنده بيع القصيل بطنا أكثر من واحد لانه لا ضرورة هناك إذا كان متميزا .

وأما وجه الجواز في القصيل فتشبيها له بما لا يتميز وهو ضعيف .

وأما الجمهور فإن هذا كله عندهم من بيع ما لم يخلق ، ومن باب النهي عن بيع الثمار معاومة .

واللفت والجزر والكرنب جائز عند مالك بيعه إذا بدا صلاحه وهواستحقاقه للاكل ، ولم يجزه الشافعي إلا مقلوعا ، لانه من باب بيع المعيب ، ومن هذا الباب بيع الجوز واللوز والباقلا في قشره ، أجازه مالك ، ومنعه الشافعي .

والسبب في اختلافهم : هل هو من الغرر المؤثر في البيوع أم ليس من المؤثر ؟ وذلك أنهم اتفقوا أن الغرر ينقسم بهذين القسمين ، وأن غير المؤثر هو اليسير أو الذي تدعو إليه الضرورة ، أو ما جمع الامرين .

ومن هذا الباب بيع السمك في الغدير أو البركة اختلفوا فيه أيضا ، فقال أبو حنيفة : يجوز ، ومنعه مالك والشافعي فيما أحسب ، وهو الذي تقتضي أصوله .

ومن ذلك بيع الآبق أجازه قوم بإطلاق ، ومنعه قوم بإطلاق ومنهم الشافعي ، وقال مالك : إذا كان معلوم الصفة معلوم الموضع عند البائع والمشتري جاز ، وأظنه اشترط أن يكون معلوم الاباق ، ويتواضعان الثمن أعني أنه لا يقبضه البائع حتى يقبضه المشتري ، لانه يتردد عند العقد بين بيع وسلف ، وهذا أصل من أصوله يمنع به النقد في بيع المواضعة وفي بيع الغائب غير المأمون ، وفيما كان من هذا الجنس .

وممن قال بجواز بيع الآبق والبعير الشارد عثمان البتي .

والحجة للشافعي : حديث شهر بن حوشب عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ( ص ) نهى عن شراء العبد الآبق ، وعن شراء ما في بطون الانعام حتى تضع ، وعن شراء ما في ضروعها ، وعن شراء الغنائم حتى تقسم وأجاز مالك بيع لبن الغنم أياما معدودة إذا كان ما يحلب منها معروفا في العادة .

ولم يجز ذلك في الشاة الواحدة ، وقال سائر الفقهاء : لا يجوز ذلك إلا بكيل معلوم بعد الحلب .

ومن هذا الباب منع مالك بيع اللحم في جلده .

ومن هذا الباب بيع المريض ، أجازه مالك إلا أن يكون ميؤوسا منه ، ومنعه الشافعي وأبو حنيفة ، وهي رواية أخرى عنه ومن هذا الباب بيع تراب المعدن والصواغين ، فأجاز مالك بيع تراب المعدن بنقد يخالفه أو بعرض ، ولم يجز بيع تراب الصاغة ، ومنع الشافعي البيع في الامرين جميعا ، وأجازه قوم في الامرين جميعا ، وبه قال الحسن البصري ، فهذه هي البيوع