بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص124
أو مثمونين بثمن واحد على أن أحد البيعين قد لزم .
أما في مثمونين بثمنين ، فإن ذلك يتصور على وجهين : أحدهما : أن يقول له : أبيعك هذه السلعة بثمن كذا على أن تبيعني هذه الدار بثمن كذا ، والثاني : أن يقول له : أبيعك هذه السلعة بدينار أو هذه الاخرى بدينارين .
وأما بيع مثمون واحد بثمنين ، فإن ذلك يتصور أيضا على وجهين : أحدهما : أن يكون أحد الثمنين نقدا والآخر نسيئة ، مثل أن يقول له : أبيعك هذا الثوب نقدا بثمن كذا على أن أشتريه منك إلى أجل كذا بثمن كذا ، وأما مثمونان بثمن واحد ، فمثل أن يقول له : أبيعك أحد هذين بثمن كذا .
أما الوجه الاول : وهو أن يقول له : أبيعك هذه الدار بكذا على أن تبيعني هذا الغلام بكذا ، فنص الشافعي على أنه لا يجوز ، لان الثمن في كليهما يكون مجهولا ، لانه لو أفرد المبيعين لم يتفقا في كل واحد منهما على الثمن الذي اتفقا عليه في المبيعين في عقد واحد ، وأصل الشافعي في رد بيعتين في بيعة إنما هو جهل الثمن أو المثمون .
وأما الوجه الثاني : وهو أن يقول : أبيعك هذه السلعة بدينار أو هذه الاخرى بدينارين على أن البيع قد لزم في أحدهما فلا يجوز عند الجميع ، وسواء أكان النقد واحدا أو مختلفا ، وخالف عبد العزيز بن أبي سلمة في ذلك ، فأجازه إذا كان النقد واحدا أو مختلفا ، وعلة منعه عند الجميع الجهل ، وعند مالك من باب سد الذرائع لانه ممكن أن يختار في نفسه أحد الثوبين ، فيكون قد باع ثوبا ودينارا بثوب ودينار ، وذلك لا يجوز على أصلمالك .
وأما الوجه الثالث : وهو أن يقول له : أبيعك هذا الثوب نقدا بكذا أو نسيئة بكذا ، فهذا إذا كان البيع فيه واجبا فلا خلاف في أنه لا يجوز وأما إذ لم يكن البيع لازما في أحدهما فأجازه مالك ، ومنعه أبو حنيفة والشافعي ، لانهما افترقا على ثمن غير معلوم ، وجعله مالك من باب الخيار ، لانه إذا كان عنده على الخيار لم يتصور فيه ندم يوجب تحويل أحد الثمنين في الآخر ، وهذا عند مالك هو المانع ، فعلة امتناع هذا الوجه الثالث عند الشافعي وأبي حنيفة من جهة جهل الثمن ، فهو عندهما من بيوع الغرر التي نهي عنها ، وعلة امتناعه عند مالك سد الذريعة الموجبة للربا لامكان أن يكون الذي له الخيار قد اختار أولا إنفاذ العقد بأحد الثمنين المؤجل أو المعجل ثم بدا له ولم يظهر ذلك ، فيكون قد ترك أحد الثمنين للثمن الثاني ، فكأنه باع أحد الثمنين بالثاني ، فيدخله ثمن بثمن نسيئة ، أو نسيئة ومتفاضلا ، وهذا كله إذا كان الثمن نقدا ، وإن كان الثمن غير نقد بل طعاما دخله وجه آخر ، وهو بيع الطعام بالطعام متفاضلا .
وأما إذا قال : أشتري منك هذا الثوب نقدا بكذا على أن تبيعه مني إلى أجل .
فهو عندهم لا يجوز بإجماع ، لانه من باب العينة وهو بيع الرجل ما ليس عنده ، ويدخله أيضا علة جهل الثمن .
وأما إذا قال له : أبيعك أحد هذين الثوبين بدينار وقد لزمه أحدهما أيهما يختار وافترقا قبل الخيار ، فإذا كان الثوبان من صنفين وهما مما يجوز أن يسلم أحدهما في الثاني فإنه لا خلاف بين مالك والشافعي في أنه