بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص123
بيع بعضها بطيب البعض ، وبدو الصلاح المعتبر عن مالك في الصنف الواحد من الثمر هو وجود الازهاء في بعضه لا في كله ، إذا لم يكن ذلك الازهاء مبكرا في بعضه تبكيرا يتراخى عنه البعض بل إذا كان متتابعا ، لان الوقت الذي تنجو الثمرة فيه في الغالب من العاهات هو إذا بدأ الطيب في الثمرة ابتداء متناسقا غير منقطع .
وعند مالك أنه إذا بدا الطيب في نخلة بستان جاز بيعه وبيع البساتين المجاورة له إذا كان نخل البساتين من جنس واحد .
وقال الشافعي ، لا يجوز إلا بيع نخل البستان الذي يظهر فيه الطيب فقط .
ومالك اعتبر الوقت الذي تؤمن فيه العاهة إذا كان الوقت واحدا للنوع الواحد .
والشافعي اعتبر نقصان خلقة الثمر ، وذلك أنه إذا لم يطب كان من بيع ما لم يخلق ، وذلك أن صفة الطيب فيه وهي مشتراة لم تخلق بعد ، لكن هذا – كما قال – لا يشترط في كل ثمرة بل في بعض ثمرة جنة واحدة وهذا لم يقل به أحد ، فهذا هو مشهور ما اختلفوا فيه من بيع الثمار .
ومن المسموع الذي اختلفوا فيه من هذا الباب ما جاء عنه عليه الصلاة والسلام من النهي عن بيع السنبل حتى يبيض والعنب حتى يسود ، وذلك أن العلماء اتفقوا على أنه لا يجوز بيع الحنطة في سنبلها دون السنبل ، لانه بيع ما لم تعلم صفته ولا كثرته .
واختلفوا في بيع السنبل نفسه مع الحب ، فجوز ذلك جمهور العلماء : مالك وأبو حنيفة وأهل المدينة وأهل الكوفة ، وقال الشافعي : لا يجوز بيع النسبل نفسه وإن اشتد ، لانه من باب الغرر وقياسا على بيعه مخلوطا بتبنه بعد الدرس .
وحجة الجمهور شيئان : الاثر والقياس .
فأما الاثر فما روي عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ( ص ) نهى عن بيع النخيل حتى تزهى ، وعن السنبل حتى تبيض وتأمن العاهة ، نهى البائع والمشتري وهي زيادة على ما رواه مالك من هذا الحديث ، والزيادة إذا كانت من الثقة مقبولة وروي عن الشافعي أنه لما وصلته هذه الزيادة رجع عن قوله ، وذلك أنه لا يصح عنده قياس مع وجود الحديث .
وأما بيع السنبل إذا أفرك ولم يشتد فلا يجوز عند مالك ، إلا على القطع .
وأما بيع السنبل غير محصود .
فقيل عن مالك يجوز ، وقيل لا يجوز ، إلا إذا كان في حزمه .
وأما بيعه في تبنه بعد الدرس فلا يجوز بلا خلاف فيما أحسب ، هذا إذا كان جزافا ، فأما إذا كان مكيلا فجائز عند مالك ، ولاأعرف فيه قولا لغيره .
واختلف الذين أجازوا بيع السنبل إذا طاب على من يكون حصاده ودرسه ، فقال الكوفيون : على البائع حتى يعمله حبا للمشتري ، وقال غيرهم : هو على المشتري .
ومن هذا الباب ما ثبت أن رسول الله ( ص ) نهى عن بيعتين في بيعة وذلك من حديث ابن عمر وحديث ابن مسعود وأبي هريرة .
قال أبو عمر : وكلها من نقل العدول .
فاتفق الفقهاء على القول بموجب هذا الحديث عموم ، واختلفوا في التفصيل ، أعني في الصورة التي ينطلق عليها هذا الاسم من التي لا ينطلق عليها .
واتفقوا أيضا على بعضها ، وذلك يتصور على وجوه ثلاثة : أحدها : إما في مثمونين بثمنين ، أو مثمون واحد بثمنين ،