بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص109
عنده مؤثرا إلا في الربويات فقط : أعني أنه يمنع التفاضل فيه ، وليس هو عنده علة للنساء أصلا .
فهذا هو تحصيل مذاهب هؤلاء الفقهاء الثلاثة في هذه الفصول الثلاث .
فأما الاشياء التي لا تجوز فيها النسيئة فإنها قسمان : منها ما لا يجوز فيها التفاضل وقد تقدم ذكرها ، ومنها ما يجوز فيها التفاضل .
فأما الاشياء التي لا يجوز فيها التفاضل فعلة امتناع النسيئة فيها هو الطعم عند مالك ، وعند الشافعي الطعم فقط ، وعند أبي حنيفة معلومات الكيل والوزن ، فإذا اقترن بالطعم اتفاق الصنف حرم التفاضل عند الشافعي ، وإذا اقترن وصف ثالث وهو الادخار حرم التفاضل عند مالك ، وإذا اختلف الصنف جاز التفاضل وحرمت النسيئة .
وأما الاشياء التي ليس يحرم التفاضل فيها عند مالك فإنها صنفان : إما مطعومة ، وإما غير مطعومة .
فأما المطعومة فالنساء عنده لا يجوز فيها .
وعلة المنع الطعم ، وأما غير المطعومة فإنه لا يجوز فيها النساء عنده فيما اتفقت منافعه مع التفاضل ، فلا يجوز عنده شاة واحدة بشاتين إلى أجل إلا أن تكون إحداهما حلوبة والاخرى أكولة ، هذا هو المشهور عنه ، وقد قيل إنه يعتبر اتفاق المنافع دون التفاضل فعلى هذا لا يجوز عنده شاة حلوبة بشاة حلوبة إلى أجل .
فأما إذا اختلفت المنافع فالتفاضل والنسيئة عنده جائزان وإن كان الصنف واحدا ، وقيل يعتبر اتفاق الاسماء مع اتفاق المنافع ، والاشهر أن لا يعتبر ، وقد قيل يعتبر .
وأما أبو حنيفة فالمعتبر عنده في منع النساء ما عدا التي لا يجوز عنده فيها التفاضل هو اتفاق الصنف اتفقت المنافع أو اختلفت ، فلا يجوز عنده شاة بشاة ولا بشاتين نسيئة وإن اختلفت منافعها .
وأما الشافعي فكل ما لا يجوز التفاضل عنده في الصنف الواحد يجوز فيه النساء ، فيجيز شاة بشاتين نسيئة ونقدا ، وكذلك شاة بشاة ، ودليل الشافعي حديث عمرو بن العا ص أن رسول الله ( ص ) أمره أن يأخذ في قلائص الصدقة البعير بالبعيرين إلى الصدقة قالوا فهذا التفاضل في الجنس الواحد مع النساء .
وأما الحنفية فاحتجت بحديث الحسن عن سمرة أن رسول الله ( ص ) نهى عن بيع الحيوان بالحيوان قالوا : وهذا يدل على تأثير الجنس على الانفراد في النسيئة .
وأما مالك فعمدته في مراعاة منع النساء عند اتفاق الاغراض سد الذريعة ، وذلك أنه لا فائدة في ذلك إلا أن يكون من باب سلف يجر نفعا وهو يحرم ، وقد قيل عنه إنه أصل بنفسه ، وقد قيل عن الكوفيين إنه لا يجوز بيع الحيوان بالحيوان نسيئة اختلف الجنس أو اتفق على ظاهر حديث سمرة ، فكأن الشافعي ذهب مذهب الترجيح لحديث عمرو بن العاص ، والحنفية لحديث سمرة مع التأويل له ، لان ظاهره يقتضي أن لا يجوز الحيوان بالحيوان نسيئة اتفق الجنس أو اختلف ، وكأن مالكا ذهب مذهب الجمع ، فحمل حديث سمرة على اتفاق الاعراض .
وحديث عمرو بن العاص على اختلافهما .
وسماع الحسن من سمرة مختلف فيه ، ولكن صححه الترمذي ، ويشهدلمالك ما رواه الترمذي عن جابر قال : قال رسول الله ( ص ) الحيوان اثنان بواحد لا يصلح