بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص103
الجزء الثاني وإذا اعتبرت الاسباب التي من قبلها ورد النهي الشرعي في البيوع ، وهي أسباب الفساد العامة وجدت أربعة : أحدها : تحريم عين المبيع .
والثاني : الربا .
والثالث : الغرر .
والرابع : الشروط التي تؤول إلى أحد هذين أو لمجموعهما .
وهذه الاربعة هي بالحقيقة أصول الفساد ، وذلك أن النهي إنما تعلق فيها بالبيع من جهة ما هو بيع لا لامر من خارج .
وأما التي ورد النهي فيها لاسباب من خارج .
فمنها الغش ومنها الضرر ، ومنها لمكان الوقت المستحق بما هو أهم منه ، ومنها لانها محرمة البيع ، ففي هذا الجزء أبواب :
الباب الاول : في الاعيان المحرمة البيع
وهذه على ضربين : نجاسات ، وغير نجاسات .
فأما بيع النجاسات فالاصل في تحريمها حديث جابر ، ثبت في الصحيحين قال : قال رسول الله ( ص ) إن الله ورسوله حرما بيع الخمر والميتة والخنزير والاصنام ، فقيل : يا رسول الله .
أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويستصبح بها ؟ فقال : لعن الله اليهود .
حرمت الشحوم عليهم فباعوها وأكلوا أثمانها وقال في الخمر إن الذي حرم شربها حرم بيعها والنجاسات على ضربين : ضرب اتفق المسلمون على تحريم بيعها وهي الخمر وأنها نجسة ، إلا خلافاشاذا في الخمر : أعني في كونها نجسة ، والميتة بجميع أجزائها التي تقبل الحياة ، وكذلك الخنزير بجميع أجزائه التي تقبل الحياة .
واختلف في الانتفاع بشعره ، فأجازه ابن القاسم ومنعه أصبغ .
وأما القسم الثاني : وهي النجاسات التي تدعو الضرورة إلى استعمالها كالرجيع والزبل الذي يتخذ في البساتين ، فاختلف في بيعها في المذهب فقيل بمنعها مطلقا ، وقيل بإجازتها مطلقا ، وقيل بالفرق بين العذرة والزبل : أعني إباحة الزبل ومنع العذرة .
واختلفوا فيما يتخذ من أنياب الفيل لاختلافهم هل هو نجس أم لا ؟ فمن رأى نه ناب جعله ميتة ، ومن رأى أنه قرن معكوس جعل حكمه حكم القرن ، والخلاف فيه في المذهب .
وأما ما حرم بيعه مما ليس بنجس أو مختلف في نجاسته ، فمنها الكلب والسنور .
أما الكلب فاختلفوا في بيعه ، فقال الشافعي : لا يجوز بيع الكلب أصلا .
وقال أبو حنيفة : يجوز ذلك .
وفرق أصحاب مالك بين كلب الماشية والزرع المأذون في اتخاذه وبين ما لا يجوز اتخاذه ، فاتفقوا على أن ما لا يجوز اتخاذه لا يجوز بيعه للانتفاع به وإمساكه .
فأما من أراده للاكل فاختلفوا فيه ، فمن أجاز أكله أجاز بيعه ، ومن لم يجزه على رواية ابن حبيب لم يجز بيعه .
واختلفوا أيضا في المأذون في اتخاذه ، فقيل هو حرام ، وقيل مكروه .
فأما الشافعي فعمدته شيئان : أحدهما : ثبوت النهي الوارد عن ثمن الكلب عن النبي ( ص ) .
والثاني : أن الكلب عنده نجس العين كالخنزير ، وقد ذكرنا دليله في ذلك في كتاب الطهارة .
وأما من أجاز فعمدته أنه طاهر العين غير محرم الاكل ،