بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص100
كتاب الاحداد
جمع المسلمون على أن الاحداد واجب على النساء الحرائر المسلمات في عدة الوفاة إلا الحسن وحده .
واختلفوا فيما سوى ذلك من الزوجات ، وفيما سوى عدة الوفاة ، وفيما تمتنع الحادة منه مما لا تمتنع ، فقال مالك : الاحداد على المسلمة والكتابية والصغيرة والكبيرة .
وأما الامة يموت عنها سيدها سواء كانت أم ولد أولم تكن فلا إحداد عليها عنده ، وبه قال فقهاء الامصار .
وخالف قول مالك المشهور في الكتابية ابن نافع وأشهب ، وروياه عن مالك ، وبه قال الشافعي : أعني أنه لا إحداد على الكتابية ، وقال أبو حنيفة : ليس على الصغيرة ولا على الكتابية إحداد ، وقال قوم : ليس على الامة المزوجة إحداد ، وقد حكي ذلك عن أبي حنيفة .
فهذا هو اختلافهم المشهور فيمن عليه إحداد من أصناف الزوجات ممن ليس عليه إحداد .
وأما اختلافهم من قبل العدد فإن مالكا قال : لا إحداد إلا في عدة الوفاة .
وقال أبو حنيفة والثوري : الاحداد في العدة من الطلاق البائن واجب ، وأما الشافعي فاستحسنه للمطلقة ولم يوجبه .
وأما الفصل الثالث وهو ما تمتنع الحادة منه مما لا تمتنع عنه ، فإنها تمتنع عند الفقهاء بالجملة من الزينة الداعية للرجال إلى النساء ، وذلك كالحلي والكحل – إلا ما لم تكن فيه زينة – ولباس الثياب المصبوغة إلا السواد ، فإنه لم يكره مالك لها لبس السواد ، ورخص كلهم في الكحل عند الضرورة ، فبعضهم اشترط فيه ما لم يكن فيه زينة ، وبعضهم لم يشترطه ، وبعضهم اشترط جعله بالليل دون النهار .
وبالجملة ، فأقاويل الفقهاء فيما تجتنب الحادة متقاربة ، وذلك ما يحرك الرجال بالجملة إليهن .
وإنما صار الجمهور لايجاب الاحداد في الجملة لثبوت السنة بذلك عن رسول الله ( ص ) .
فمنها حديث أم سلمة زوج النبي عليه الصلاة والسلام أن امرأة جاءت إلى رسول الله ( ص ) فقالت : يا رسول الله .
إن ابنتي توفي عنها زوجها ، وقد اشتكت عينيها أفتكتحلهما ، فقال رسول الله ( ص ) : لا ، مرتين أو ثلاثا ، كل ذلك يقول لها لا ، ثمقال : إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن ترمى بالبعرة على رأس الحول .
وقال أبو محمد فعلى هذا الحديث يجب التعويل على القول بإيجاب الاحداد .
وأما حديث أم حبيبة حين دعت بالطيب فمسحت به عارضيها ، ثم قالت : والله ما لي به من حاجة غير أني سمعت رسول الله ( ص ) يقول لا يحل لامرأة مؤمنة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت