بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص91
هل يجزيه عتق مدبره ؟ فقال مالك : لا يجزيه تشبيها بالكتابة لانه عقد ليس له حلة ، وقال الشافعي : يجزيه ، ولا يجزي عند مالك إعتاق أم ولده ولا المعتق إلى أجل مسمى .
وأما عتق أم الولد فلان عقدها آكد من عقد الكتابة والتدبير ، بدليل أنهما قد يطرأ عليهما الفسخ .
أما في الكتابة فمن العجز عن أداء النجوم .
وأما التدبير فإذا ضاق عنه الثلث .
وأما العتق إلى أجل فإنه عقد عتق لا سبيل إلى حله .
واختلف مالك والشافعي مع أبي حنيفة في إجزاء عتق من يعتق عليه بالنسب ، فقال مالك والشافعي : لا يجزئ عنه وقال أبو حنيفة : إذا نوى به عتقه عن ظهار أجزأ .
فأبو حنيفة شبهه بالرقبة التي لا يجب عتقها ، وذلك أن كل واحدة من الرقبتين غير واجب عليه شراؤها وبذل القيمة فيها على وجه العتق ، فإذا نوى بذلك التكفير جاز ، والمالكية والشافعية رأت أنه إذا اشترى من يعتق عليه عتق عليه من غير قصد إلى إعتاقه فلا يجزيه ، فأبو حنيفة أقام القصد للشراء مقام العتق ، وهؤلاء قالوا : لا بد أن يكون قاصدا للعتق نفسه ، فكلاهما يسمى معتقا باختياره ، ولكن أحدهما معتق بالاختيارالاول ، والآخر معتق بلازم الاختيار ، فكأنه معتق على القصد الثاني ومشتر على القصد الاول ، والآخر بالعكس .
واختلف مالك والشافعي فيمن أعتق نصفي عبدين .
فقال مالك : لا يجوز ذلك ، وقال الشافعي : يجوز لانه في معنى الواحد ومالك تمسك بظاهر دلالة اللفظ .
فهذا ما اختلفوا فيه من شروط الرقبة المعتقة .
وأما شروط الاطعام فإنهم اختلفوا من ذلك في القدر الذي يجزي لمسكين مسكين من الستين مسكينا الذين وقع عليهم النص ، فعن مالك في ذلك روايتان أشهرهما أن ذلك مد بمد هشام لكل واحد ، وذلك مدان بمد النبي ( ص ) ، وقد قيل هو أقل ، وقد قيل هو مد وثلث .
وأما الرواية الثانية فمد مد لكل مسكين بمد النبي ( ص ) ، وبه قال الشافعي .
فوجه الرواية الاولى اعتبار الشبع غالبا : أعني الغداء والعشاء ، ووجه الرواية الثانية اعتبار هذه الكفارة بكفارة اليمين .
فهذا هو اختلافهم في شروط الصحة في الواجبات في هذه الكفارة .
وأما اختلافهم في مواضع تعددها ومواضع اتحادها ، فمنها إذا ظاهبكلمة واحدة من نسوة أكثر من واحدة هل يجزي في ذلك كفارة واحدة ، أم يكون عدد الكفارات على عدد النسوة ؟ فعند مالك أنه يجزي في ذلك كفارة واحدة ، وعند الشافعي وأبي حنيفة أن فيها من الكفارات بعدد المظاهر منهن إن اثنتين فاثنتين .
وإن ثلاثا فثلاثا ، وإن أكثر فأكثر ، فمن شبهه بالطلاق أوجب في كل واحدة كفارة ، ومن شبهه بالايلاء أوجب فيه كفارة واحدة ، وهو بالايلاء أشبه .
ومنها إذا ظاهر من امرأته في مجالس شتى هل عليه كفارة واحدة ، أو على عدد المواضع التي ظاهر فيها ؟ فقال مالك : ليس عليه إلا كفارة واحدة ، إلا أن يظاهر ثم يكفر ثم يظاهر فعليه كفارة ثانية ، وبه قال الاوزاعي وأحمد وإسحاق .
وقال أبو حنيفة والشافعي : لكل ظهار كفارة .
وأما إذا كان ذلك في مجلس واحد فلا خلاف عند مالك أن في ذلك كفارة واحدة .
وعند أبي حنيفة أن