بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص75
تجد حسا في بطنها تظن به أنه حمل فإنها تمكث أكثر مدة الحمل ، وقد اختلف فيه فقيل في المذهب أربع سنين ، وقيل خمس سنين ، وقال أهل الظاهر : تسعة أشهر .
ولا خلاف أن انقضاء عدة الحوامل لوضع حملهن : أعني المطلقات لقوله تعالى :
( وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن)
وأما الزوجات غير الحرائر فإنهن ينقسمن أيضا بتلك الاقسام بعينها ، أعني حيضا ويائسات ومستحاضات ومرتفعات الحيض من غير يائسات .
فأما الحيض اللاتي يأتيهن حيضهن ، فالجمهور على أن عدتهن حيضتان ، وذهب داود وأهل الظاهر إلى أن عدتهن ثلاث حيض كالحرة ، وبه قال ابن سيرين .
فأهل الظاهر اعتمدوا عموم قوله تعالى :
( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء)
وهي ممن ينطلق عليها اسم المطلقة .
واعتمد الجمهور تخصيص هذا العموم بقياس الشبه وذلك أنهم شبهوا الحيض بالطلاق والحد أعني كونه متنصفا مع الرق .
وإنما جعلوها حيضتين لان الحيضة الواحدة لا تتبعض .
وأما الامة المطلقة اليائسة من المحيض أو الصغيرة فإن مالكا وأكثر أهل المدينة قالوا : عدتها ثلاثة أشهر ، وقال الشافعي وأبو حنيفة والثوري وأبو ثور وجماعة عدتها شهر ونصف شهر نصف عدة الحرة وهو القياس إذا قلنا بتخصيص العموم ، فكأن مالكا اضطرب قوله ، فمرة أخذ بالعموم ، وذلك في اليائسات ، ومرة أخذ بالقياس وذلك في ذوات الحيض ، والقياس في ذلك واحد .
وأما التي ترتفع حيضتها من غير سبب فالقول فيها هو القول في الحرة والخلاف في ذلك ، وكذلك المستحاضة ، واتفقوا على أن المطلقة قبل الدخول لا عدة عليها .
واختلفوا فيمن راجع امرأته في العدة من الطلاق الرجعي ثم فارقها قبل أن يمسها هل تستأنف عدة أم لا ؟ فقال جمهور فقهاء الامصار : تستأنف ، وقالت فرقة : تبقى في عدتها من طلاقها الاول وهو أحد قولي الشافعي ، وقال داود : ليس عليها أن تتم عدتها ولا عدة مستأنفة .
وبالجملة فعند مالك أن كل رجعة تهدم العدة وإن لم يكن مسيس ، ما خلا رجعة المولي .
وقال الشافعي : إذا طلقها بعد الرجعة وقبل الوطئ ثبتت على عدتها الاولى ، وقول الشافعي أظهر .
وكذلك عند مالك رجعةالمعسر بالنفقة تقف صحتها عنده على الانفاق فإن أنفق صحت الرجعة وهدمت العدة إن كان طلاقا ، وإن لم ينفق بقيت على عدتها الاولى ، وإذا تزوجت ثانيا في العدة فعن مالك في ذلك روايتان : إحداهما تداخل العدتين ، والاخرى نفيه .
فوجه الاولى اعتبار براءة الرحم ، لان ذلك حاصل مع التداخل .
ووجه الثانية كون العدة عبادة ، فوجب أن تتعدد بتعدد الوطئ الذي له حرمة ، وإذا عتقت الامة في عدة الطلاق مضت على عدة الامة عند مالك ، ولم تنتقل إلى عدة الحرة ، وقال أبو حنيفة : تنتقل في الطلاق الرجعي دون البائ