پایگاه تخصصی فقه هنر

بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص66

حتى يبلغ ، وقال في مختصر ما ليس في المختصر : إنه يلزمه إذا ناهز الاحتلام ، وبه قال أحمد بن حنبل إذا هو أطاق صيام رمضان ، وقال عطاء : إذا بلغ اثنتي عشرة سنة جاز طلاقه ، وروعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه .

وأما طلاق السكران ، فالجمهور من الفقهاء على وقوعه ، وقال قوم : لا يقع ، منهم المزني وبعض أصحاب أبي حنيفة .

والسبب في اختلافهم : هل حكمه حكم المجنون أم بينهما فرق ؟ فمن قال هو والمجنون سواء إذ كان كلاهما فاقدا للعقل ، ومن شرط التكليف العقل قال : لا يقع ، ومن قال الفرق بينهما أن السكران أدخل الفساد على عقله بإرادته والمجنون بخلاف ذلك ألزم السكران الطلاق ، وذلك من باب التغليظ عليه ، واختلف الفقهاء فيما يلزم السكران بالجملة من الاحكام وما لا يلزمه ، فقال مالك : يلزمه الطلاق والعتق والقود من الجراح والقتل ، ولم يلزمه النكاح ولا البيع ، وألزمه أبو حنيفة كل شئ ، وقال الليث : كل ما جاء من منطق السكران فموضوع عنه ، ولا يلزمه طلاق ولا عتق ولا نكاح ولا بيع ولا حد في قذف ، وكل ما جنته جوارحه فلازم له ، فيحد في الشرب والقتل والزنا والسرقة وثبت عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه كان لا يرى طلاق السكران ، وزعم بعض أهل العلم أنه لا مخالف لعثمان في ذلك من الصحابة .

وقول من قال : إن كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه ليس نصا في إلزام السكران الطلاق لان السكران معتوه ما ، وبه قال داود وأبو ثور وإسحاق وجماعة من التابعين : أعني أن طلاقه ليس يلزم ، وعن الشافعي القولان في ذلك ، واختار أكثر أصحابه قوله الموافق للجمهور واختار المزني من أصحابه أن طلاقه غير واقع .

وأما المريض الذي يطلق طلاقا بائنا ويموت من مرضه ، فإن مالكا وجماعة يقول : ترثه زوجته ، والشافعي وجماعة لا يورثها ، والذين قالوا بتوريثها انقسموا ثلاث فرق : ففرقة قالت لها الميراث ما دامت في العدة ، وممن قال بذلك أبو حنيفة وأصحابه والثوري .

وقال قوم : لها الميراث ما لم تتزوج ، وممن قال بهذا أحمد وابن أبي ليلى ، وقال قوم : بل ترث كانت في العدة أو لم تكن ، تزوجت أم لم تتزوج ، وهو مذهب مالك والليث .

وسبب الخلاف : اختلافهم في وجوب العمل بسد الذرائع ، وذلك أنه لما كان المريض يتهم في أن يكون إنما طلق فيمرضه زوجته ليقطع حظها من الميراث ، فمن قال بسد الذرائع أوجب ميراثها ، ومن لم يقل بسد الذرائع ولحظ وجوب الطلاق لم يوجب له ميراثا ، وذلك أن هذه الطائفة تقول : إن كان الطلاق قد وقع فيجب أن يقع بجميع أحكامه لانهم قالوا : إنه لا يرثها إن ماتت .

وإن كان لم يقع فالزوجية باقية بجميع أحكامها ، ولا بد لخصومهم من أحد الجوابين ، لانه يعسر أن يقال إن في الشرع نوعا من الطلاق توجد له بعض أحكام الطلاق وبعض أحكام الزوجية ، وأعسر من ذلك القول بالفرق بين أن يصح أو لا يصح ، لان هذا يكون طلاقا موقوف الحكم إلى أن يصح أو لا يصح وهذا كله مما يعسر القول به في الشرع ، ولكن